عندما تطرح فكرة رائدة وأنت موظف صغير داخل جهة أو مؤسسة تعمل بها فغالبا ما تقابل فكرتك بالرفض والتهميش، لأنها لم تصدر من أحد المسؤولين الكبار المؤثرين في هذه المنشأة، أو قد تصطدم ببعض الإجراءات المملة التي تفقدك الحماس والشغف في تنفيذها، وبذلك تنتهي الفكرة قبل أن تبدأ عند صاحبها.

وقد كانت روح المبادرة الريادية في جميع المجالات لدينا أقل مما هي عليه الآن، وكانت مليئة بالعقبات التي يتعين علينا التغلب عليها إذا أردنا توليد شكل بديل للتنمية المستدامة في البلد.

وها نحن من جديد نخطو خطوة كبيرة نحو تحقيق أهدافنا ورؤيتنا عبر المبادرات الرائدة، من خلال رؤية واهتمام عالمي، وتحول تنموي في سبيل صناعة المبادرات الإنتاجية التي تخدم المجتمع الداخلي والخارجي، ولكن هذه المرة في رؤيتنا سيكون اتجاهنا مختلفا نحو خلق الثروة البشرية وتنميتها في تنفيذ وإنشاء أعمال مبتكرة وجديدة، وإدخال تغييرات جوهرية في القطاعات القائمة، من خلال قيادات سعودية طموحة ومتوازنة قادرة على الابتكار والإبداع وإدارة المخاطر المحسوبة، والدفع بالمؤسسات والشركات وجميع القطاعات الحكومية والأهلية، جنبا إلى جنب، لتحقيق الفرص والاستثمارات التجارية والثقافية والسياسية والاجتماعية.

وقد أصبحنا نراهن على الموهبة والإمكانات الإبداعية ورأس المال البشري لكي نكون قادرين على إضافة قيمة جوهرية تنعكس بالفائدة على كفاءتنا وجودة حياتنا، لإعطاء جرعة كبيرة من التفكير والتعلم لتحديد الأولويات والعديد من الأبعاد التي يتم تطويرها في دورة الحياة الإنسانية.

فالمعرفة تعد أكبر مصدر لتكوين الحضارات الكبرى، فالإنسان يدرك أن المال مجرد وسيلة، ولكن يجب أن نكون رواد فكر وعمل في جميع المجالات كباقي الأمم، وننتقل من مرحلة التخطيط والتفكير إلى مرحلة البدء والتنفيذ.

ومن الضروري ألا تقتصر رؤية الريادة على منظور توليد الدخل فحسب، بل تدعم أيضا عددا من الشباب المتحمسين الذين يشقون طريقهم ويولدون خيارات النمو لبلدنا، ولذلك فإن التحدي الأول الذي يجب عمله هو توفير أدوات النجاح لأصحاب المشاريع، لبناء كيانات تجارية منظمة لا تسمح لهم فقط بإضفاء الطابع الربحي فقط على أنفسهم كشركة مؤسساتية، ولكن كمنظمات وشركات تستثمر في الابتكار وتوسيع الأعمال، وخلق كثير من الوظائف المبتكرة الجديدة.

ومن المؤكد أن الموقف الريادي الجاذب والمدعوم من الحكومة للشباب السعودي يعطي الفرص المتزايدة والكاملة في تحقيق قفزات إلى أبعد من ذلك، وتصدير السلع والخدمات ذات الجودة والقيمة العالية التي يمكن أن يقوم بها الشباب في قطاع الأعمال المتنوع كمحرك أساسي يعمل على زيادة القيمة الفكرية والاجتماعية قبل القيمة الاقتصادية، لنتجاوز بها المحيط المحلي، ونصل بها إلى المستوى العالمي، فتحفيز المجتمع وتحويل أفكاره ونشاطاته إلى مشاريع ريادية يزيدان من مكتسباته الذاتية بعيدا عن الاعتماد الخارجي.