تتجه الأوضاع في الشمال السوري خلال الفترة الراهنة إلى مزيد من الغموض، بسبب تأخر انطلاق العملية الموعودة التي تحدثت عنها أنقرة من جهة، وتداعيات الانسحاب الأميركي وما ينتج عنه والمدة الزمنية التي ستستغرقها العملية من جهة أخرى.

وبدأت تتحدث بعض التقارير الروسية عن أن ورقة حماية الأكراد التي تلوح بها واشنطن أمام أنقرة بعد انسحابها التدريجي من الشمال السوري، ستكون عهدة بيد موسكو والنظام السوري، باعتبار أنهما القوة الفاعلة على الميدان، وتعمل موسكو بالفعل على تأمين المدن والقرى التي استعادها النظام في مختلف المناطق، الأمر الذي يوقع أنقرة في حيرة، وقد تتأجل العملية العسكرية شرقي الفرات إلى أجل غير مسمى.


 


موقف صارم


تقول التقارير إن موقف الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، سيستمر إزاء حماية الأكراد دون أي اعتبار لموقف تركيا، يعزز ذلك التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية الأميركية، مايك بومبيو، على هامش زيارته للمنطقة مؤخرا، والتي أكد فيها أن واشنطن لن تتخلى عن شركائها الذين قاتلوا معها ضد تنظيم داعش.

وتتمثل أهمية الفصائل الكردية حسب ما تراه واشنطن، في أنها ستكون صمام أمام لعدم عودة نفوذ التنظيم إلى ما وراء الفرات، مع التزامها بعدم تهديد الأمن القومي التركي، وهذه النقطة هي محل الجدال والخلاف التركي الأميركي.

 ودائما ما تطالب واشنطن أنقرة بتقديم تعهدات والتزامات فيما يتعلق بحدود الوجود في شمال سورية، وترفض أي محاولات لتوسيعه أو دخول المناطق الكردية، وهذه المسألة تثير شكوك العديد من المراقبين حول مدى التزام أنقرة بهذه التعهدات وعدم الحنث بها.


نفوذ موسكو


طبقا لمحللين، فإنه من المنطقي أن تتولى موسكو وقوات النظام السوري تأمين الفصائل الكردية أمام الهجمات التركية من جهة، والمراوغة الإيرانية من جهة أخرى، باعتبار أن هذه الآلية تم اختبارها خلال تصفية «منطقة التصعيد الجنوبية» في العام 2018، ويجري تنفيذها الآن في منبج. وهذا المخطط، سيزيد من قوة روسيا على الأرض باعتبارها الضامن الوحيد لنقطة الخلاف التركية الأميركية، ما يعطيها زخما أكبر ويهدد بتقليص تحركات طهران في سورية.

تأمين الانسحاب


كانت مصادر بوزارة الدفاع «البنتاجون» قد أعلنت في وقت سابق عن إرسال قوات إضافية إلى سورية، بهدف تأمين عمليات انسحاب القوات الأميركية من البلاد.

ولم تكشف المصادر عن الموقع الذي سترسل إليه هذه القوات الإضافية أو عن العدد الذي تم إرساله، لافتة أن القوات على الأغلب من قوات المشاة وستتمثل مهامها بالمساعدة بتأمين القوات والمعدات على الأرض وخلال عمليات نقلها.

يذكر أن هذه الأنباء تأتي بعد إعلان تنظيم «داعش» مسؤوليته في بيان منسوب عن التفجير الانتحاري الذي أودى بحياة أربع أميركيين، بالإضافة إلى 10 آخرين في مدينة منبج السورية، الأسبوع الماضي.


ازدواجية القرار

وفيما أعرب قائد قوات سورية الديمقراطية «قسد» عن اعتقاده بأن المحادثات مع النظام السوري، بشأن مستقبل المنطقة الشمالية الغربية ستبدأ في الأيام المقبلة بعد رد فعل «إيجابي» من دمشق، عبر مراقبون عن استغرابهم مما أعلنه وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، أمس الأول، بأن أنقرة تعقد اتصالات مع النظام السوري.

وقال المراقبون إن تصريح أوغلو يعكس ازدواجية القرار السياسي في أنقرة، مشيرين إلى أنه منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011، عمل النظام التركي على تأجيج الحرب التي أسفرت عن مقتل أكثر من 300 ألف شخص وتدمير أجزاء واسعة في البلاد، وذلك عبر دعم الجماعات المتشددة.

وعبر المراقبون عن اعتقادهم بأن إعلان وزير الخارجية التركي عن الاتصال بالنظام السوري، يكشف مدى قلق تركيا من موقف أميركا تجاهها إزاء تواجدها في سورية.


 


أسباب الاعتماد على روسيا


اعتبارها القوة الفاعلة في الميدان السوري


تعمل موسكو بالفعل على تأمين المناطق التي استعادها النظام


التشكيك في مدى التزام أنقرة بتعهداتها بحدود الوجود في شمال سورية

التصدي للمراوغة الإيرانية وتقليص تحركاتها بالأراضي السورية