أبدت أطراف من المعارضة السورية تخوفها وقلقها الشديدين من مقايضة روسية تركية رشحت أخبارها عقب لقاء الرئيسين رجب طيب إردوغان، وفلاديمير بوتين، في موسكو الأربعاء الماضي، من شأنها أن تسلم محافظة إدلب التي تسيطر عليها المعارضة للنظام السوري.

وتسعى أنقرة إلى إنشاء منطقة آمنة على طول الحدود السورية بطول 30 كلم، لاحتواء وحدات حماية الشعب الكردية، مقابل تخليها عن أجزاء من إدلب لمصلحة النظام الذي يحشد قواته حاليا على حدودها.








من جديد تعود إدلب إلى الواجهة في سورية، من خلال تصدرها مشهد التحليلات السياسية والعسكرية عقب القمة التركية الروسية التي عقدها الرئيسان رجب طيب إردوغان، وفلاديمير بوتين في العاصمة موسكو الأربعاء الماضي.

ترافق ذلك حشود عسكرية لقوات الأسد في المنطقة، إذ وصلت خلال الأيام الماضية وحدات عسكرية من الفرقة التاسعة وقوات «النمر»، بدلا من قوات الفرقة الرابعة، والتي تعرف بهيمنة إيران عليها.


ورقة ضغط روسية


يرى المراقبون السياسيون، بأن أنقرة تسعى إلى إنشاء منطقة آمنة على طول الحدود السورية بطول 30 كيلومترا، لاحتواء وحدات حماية الشعب الكردية، المدعومة من الولايات المتحدة، وسط تخوفات من المعارضة السورية بأن تكون هناك صفقة بين البلدين وعملية مقايضة تقوم على موافقة روسيا على إنشاء المنطقة الآمنة، مقابل تخلي أنقرة عن أجزاء من إدلب لصالح النظام السوري.

وبحسب المراقبين أيضا فإن إدلب باتت تشكل ورقة ضغط روسية قوية على تركيا، خاصة وأن الأخيرة لم تقدم على أي خطوة على الأرض لمنع هيئة تحرير الشام، التي تقودها جبهة فتح الشام (النصرة سابقا) المصنفة دوليا إرهابية بالسيطرة على كامل المحافظة الواقعة شمال غرب سورية.


السيطرة على إدلب


يأتي ذلك، في وقت أقدمت هيئة تحرير الشام في ديسمبر الماضي بالسيطرة على المحافظة، وأجزاء من حماة وحلب، بعد استسلام لافت لفصائل المعارضة التي ينظر إليها على أنها «معتدلة»، الأمر الذي يكاد يجمع المحللون على أنه تم بضوء أخضر تركي.

 وتنص أبرز بنود الاتفاق الذي أبرم في سوتشي في 17 سبتمبر الماضي، على إقامة منطقة منزوعة السلاح بعمق 15 - 20 كيلومتر داخل منطقة خفض التصعيد، وإبعاد جميع الجماعات المسلحة عن المنطقة منزوعة السلاح بحلول 15 أكتوبر الماضي، والذي مضى وقتا كثيرا على عدم تطبيقه.

 وفي المقابل، قالت وزارة الدفاع التركية الأسبوع الماضي إن «أنشطتها العسكرية في محافظة إدلب مستمرة، وتنحصر بنقاط المراقبة الـ12 المتوزعة على خطوط التماس مع النظام السوري».


مباحثات أستانة


كانت روسيا قد أعلنت مؤخرا، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بحث مع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن القومي الروسي الأوضاع في سورية، بالإضافة إلى عدد من المواضيع الدولية والمحلية الأخرى، مشيرة إلى أنه جرى خلال الاجتماع تبادل للآراء حول الشأن السوري، وبصورة خاصة حول آفاق التسوية السياسية.

وأعلن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، أن الجولة الجديدة من مباحثات «أستانة» ستعقد منتصف مايو المقبل، مشيرا إلى أن ممثلي الدول الضامنة (إيران - تركيا - روسيا) بدأوا الإعداد للجولة الـ12 من أستانة، والتي تنعقد في العاصمة الكازاخية، وذلك لبحث الملف السوري.

ومن المقرر أن تناقش الجولة المقبلة مسألة تشكيل اللجنة الدستورية السورية، التي أقر المبعوث القديم، «ستيفان دي ميستورا”، بفشل تشكيلها خلال فترة تسلمه الملف السوري.


حسابات أنقرة


في المقابل، يمكن القول بأن أنقرة تعيش أياما عصيبة ليس فقط لجهة فشلها في إقناع روسيا بدعمها في إنشاء منطقة آمنة، كان طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب في يناير الجاري كحل وسط بين أنقرة والأكراد في الشمال السوري، بعد أن أعلن عن قراره سحب قوات بلاده من هذا البلد، بل وأيضا لجهة كيفية التعاطي مع العرض الروسي بإعادة تفعيل (اتفاق أضنة)، الذي ينص على تعاون أنقرة مع دمشق في مكافحة الإرهاب ومواجهة الضغوط الروسية المتصاعدة حيال إدلب.