هناك محاولات بائسة للحكومة الكندية خلال استغلال ظروف المراهقات ومشكلاتهن العائلية، لتحقيق أهداف سياسية واقتصادية، إذ تحاول الحكومة الكندية، عبر رفع شعارات الدفاع عن حقوق الإنسان، إيهام العالم بصدق نواياها، ولكن كل تلك المسرحيات لم تعد تنطلي على أحد، وبدا الأمر تدخلا سافرا في شؤون الدول، خصوصا إذا ما علمنا أن كندا أصلا يتزايد في شوارعها المدمنون والمشردون والمشردات الذين لا مأوى لهم.

إن ما قامت به وزيرة الخارجية الكندية من تصرف خلال استقبال رهف القنون هو خطأ دبلوماسي وجهل، ويظهر فيه الاستهداف السياسي للمملكة بوضوح، بل والاقتصادي، وهنا أيضا تتجلى رزانة الدبلوماسية السعودية من ناحية تعاطيها مع هذا الموضوع.

فقضية رهف هي استهداف للقيم الإسلامية أولا، ولبلادي ثانيا، بل ويُذكّرنا هذا الاستهداف بما حدث منذ فترة ليست بالقصيرة من تحريف وتشويه للحقائق، ودفع لمليارات الدولارات من دول معادية، استغلّت مقتل الصحفي جمال خاشقجي للنيل من سمعة المملكة.

الفتاة الهاربة تبدو ضحية عصابات ومنظمات مشبوهة، وتم استغلالها حتى ظهرت وهي تقرأ خطابات مليئة بالعبارات السياسية، والتي أكاد أُجزم بأنها لم تفهم محتواها، وتغريدات عبر «تويتر» نُسبت إليها باللغة الإنجليزية، رغم عدم إجادتها هذه اللغة، وكل ذلك يأتي في إطار استخدامها لتصفية بعض الحسابات.

لا ينكر أحد أن قضية رهف هي مشكلة عائلية، وفي كل المجتمعات تحدث، والأمر طبيعي، فمجتمعنا مثل أي مجتمع يوجد به هذا النوع من المشكلات الأسرية، كما لا يستطيع أحد أن ينكر ما قامت به الأنظمة السعودية من إصلاحات تاريخية، كان للمرأة فيها النصيب الأكبر، مثل حق قيادة السيارة والمساواة في الوظائف العامة، وإسقاط حاجتها للولي في المعاملات العامة، وغير ذلك من قوانين وتشريعات، مثل قانون الحماية من الإيذاء والتحرش وبرامج النيابة العامة لمواجهة العنف، وآخرها إعلان وزارة العمل دراسة مشروع جديد لتنظيم وتحسين عمل المرأة، ومساواتها بالرجل في الرواتب والمزايا، بل إنها أصبحت ضمن مرتكزات رؤية المملكة 2030.

لقد أظهر كثير من التقارير والحقائق عدم صدق هذه الدول مع قضايا اللاجئين، وإلا فأين هم عن أولئك المنهكين والمضطهدين والعالقين على حدود دولهم، القادمين من دول مزقتها الحروب، كالفتاة اليمنية التي طلبت اللجوء لكندا أخيرا وتم رفض طلبها، والفتاة الصومالية أيضا التي تم ترحيلها من كندا، وغيرهن كثير.

وبحسب تقرير نُشر في صحيفة «الوطن»، تحدّث عن مأساة مخيمات اللجوء، وعن مخيم يدعى «فاثي» نُصب في أحد بطون الأودية في جزيرة ساموس اليونانية للاجئين، والذين ركبوا أمواج الموت وقصدوا هذه الدول التي لم تستقبلهم بالورود كما استقبلوا رهف القنون، بل وضعوهم في مخيم أو معسكر مسوّر بالأسلاك، وحشروا 7 آلاف لاجئ في ذلك المخيم الذي لا يسع إلا 500 لاجئ فقط، فأي حقوق إنسان يتحدثون عنها.

هذه الفتاة المسكينة -وللأسف- ينتظرها مستقبل غامض، فبمجرد استخدامها في هذه الُلعبة السياسية ستُهمل وتُرمى مثلها مثل من سبقوها.