معلوم كيف سارت العملية السياسية في العراق، وطوال خمسة عشر عاما ونيّفا، إذ تعثرت ولاقت كثيرا من المعوقات، ابتداء بالتنظيمات الإرهابية المتمثلة في القاعدة وأخواتها، وانتهاء بداعش.

الفساد عم كل المفاصل الحكومية، وتحول السياسيون الذين تناولوا الضرع إلى سماسرة ومقاولين، منشغلين بجمع الأموال تاركين القارب تتقاذفه الرياح، ولم يستقر برنامج السرقات ليومنا هذا، متمنين من الحكومة البدء ببرنامج صارم، يحاسب الكل ولا يستثني أحدا، وهذا يحتاج لرجل صاحب قرار، وليس تمنيات يحلم المواطن العراقي بتحقيقها يوما، ليستشفي بهؤلاء الذين نهبوا الأموال طيلة السنوات الفائتة، المشكلة أن كل السياسيين يدعي النزاهة والشرف، ويدعو لمحاربة الفساد!.

أمر رئيس الوزراء بتشكيل مجلس أعلى لمحاربة الفساد، دون صخب أو تهديد لطرف دون الآخر، وهذا لو كان كما يرجو المواطن العراقي، فهو يبعث الأمل ويسير بالطريق الذي يرضي الجماهير، المتلهفة لمعرفة من لم يتم كشف أوراقه، سيما المعروفين في الأوساط السياسية، كما عرضت إحدى الجهات البنكية الأميركية، التي تلاحق الأموال المتحركة قائمة بينت أسماء لقيادات عراقية! وأغلبهم من جهة سياسية واحدة، فكيف إذا تم فتح كل الأوراق؟.

بعد صدور القرار تمت مهاجمة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي مباشرة، متهمين إياه باتهامات شتى، ومنها تصريح أحدهم يقول: إن المجلس أعلاه لا قيمة له! بينما عبدالمهدي يقول، إن الهدف من إعادة تشكيل المجلس الأعلى لمكافحة الفساد، هو تمكينه من اتخاذ الإجراءات الرادعة، وتوحيد جهود الجهات الرقابية، في سياق عمل جديد قادر على التصدي لأي جهة أو شخص مهما كان موقعه، وأن نتصرف كدولة في كشف الفساد، وحماية المجتمع والمواطنين والمال العام على حد سواء.

المطلوب من كل الكتل والكيانات، الانصياع لأوامر المجلس الأعلى لمكافحة الفساد، وكشف الذمم المالية لكل الأعضاء والوزراء، كذلك المديرين العامين والوكلاء، وأي متصدر للمشهد، سواء الإداري أو من له علاقة، وهذا من شأنه أن يبعدهم عن دائرة الاتهام، وغدا ليس الأمس وكفانا سرقات، إذ لا يمكن تلافي الأمر، كذلك المواطن العراقي يطلب مؤازرة الحكومة برئاستها، لكي نعبر المرحلة، ووضع النقاط على الحروف، وكفانا تعتيما على الشخوص لأنهم ليسوا ملائكة.