ونحن على أعتاب عقد المؤتمر العالمي «الكشفية وحماية البيئة» برعاية خادم الحرمين الشريفين الذي تُنظمه جمعية الكشافة العربية السعودية بمشاركة عدد من كشافي العالم، والمهتمين بالعمل الكشفي والتطوعي، أحببت أن أشارك بهذا الموضوع الذي استعنت فيه بمصادر من إصدارات المنظمة الكشفية العربية لأهميته خاصة، والعالم يعيش تحديات جمة على المستوى البيئي، وأن علينا أن ننظر نظرة شمولية لأدوارنا تجاه البيئة سواء تجاه أنفسنا أو في تعاملنا وتوعيتنا للآخرين، وألا نقلل من شأن مساهمتنا مهما كانت بالمقارنة بحجم الانتهاكات التي تحصل في البيئة، خاصة أن مشاكل البيئة أصبحت الشغل الشاغل للجميع، ويبقى فتية وشباب الحركة الكشفية من أكثر فئات المجتمع تأثيرا وتأثرا بها، فهم من خلال ممارساتهم أو ممارسة أقرانهم يمكن أن يضروا بالبيئة قصدا أو من دون قصد، غير أن بإمكانهم التقليل من حدة هذا التدهور والقضاء على أهم مشاكل البيئة، خاصة أن تحصل فتية وشباب الكشفية على تكوين وإعداد مناسب لهذا الدور خلال مرحلة تنشئته.

لقد أجمع المختصون في الحركة الكشفية على أن مفهوم التربية البيئية هو عملية اكتساب القيم والسلوكيات والمهارات اللازمة لفهم العلاقات التي تربط الفتى والشاب بمحيطه الحيوي، والتدليل على حتمية المحافظة على المصادر البيئية الطبيعية، وضرورة ترشيد مصادرها، وأن ذلك يمكن أن يتم من خلال الأنشطة البيئية الميدانية المهمة في استكشاف المواقع البيئية وتحديد المشكلات البيئية والعمل لحل هذه المشكلات أو الحد منها، وبالتالي صيانة البيئة وتحقيق التنمية المستدامة، وذلك من خلال إدراك العلاقات المتبادلة بين الكائنات الحية من جهة، وبينها وبين بيئتها من جهة أخرى.

وتشمل الأنشطة البيئية الميدانية والمبوبة في المناهج الكشفية لجميع المراحل زيارات لبيئات متنوعة وزيارة المحميات الطبيعية وحدائق الحيوان والنبات، ومزارع تربية الحيوانات والدواجن والأسماك والخيول وزيارة الحدائق العامة والمتنزهات، وزيارة مراكز الإنتاج الصناعي والغذائي وزيارة المراكز البحثية البيئية... إلخ.

إن تنفيذ الأنشطة البيئية الميدانية إضافة لما تحققه من أهداف تسهم في غرس قيم متعددة في نفوس الفتية والشباب، منها قيمة حب الطبيعة وتقديرها، وقيمة المبادرة من أجل البيئة وقيمة التعاون لأجلها، وقيمة تذوق الجمال البيئي وتقوية الوازع الأخلاقي والديني لأجل البيئة، ولن يتحقق ذلك إلا بشروط منها أن الأنشطة البيئية الميدانية تسعى إلى تحقيق أهداف محددة، وذلك من خلال الإعداد الجيد لهذه الأنشطة في مراحلها الثلاث الإعداد والتخطيط، وتحديد الأهداف، وتحديد المكان.

إن تحديد الأهداف من النشاط الميداني غالبا ما يتم وضع قائمة بالأهداف التي يسعى إليها النشاط الميداني، وقد ترفق هذه القائمة بخطة زمنية لتحقيق هذه الأهداف، وهذا مما يسهل تنفيذ العمل الميداني ويجعله منظما، وتحديد المكان وهذا يعني قيام القائد الكشفي القائم على تنفيذ النشاط الميداني بزيارة مكان التنفيذ بما يسهم في تحديد الأعمال اللازمة التي سيتم تنفيذها من قبل الفتية والشباب، وبالتالي يحقق نجاح العمل الميداني أفضل ما يمكن من نتائج مع التقليل من الهدر وتلافي الأخطاء والأضرار التي قد تنتج عن تنفيذها هذا النشاط.

ولا بد من قيام القائد المسؤول عن تنفيذ النشاط البيئي الميداني بزيارة موقع التنفيذ ووضع قائمة بالمهمات التي ستنفذ، والأسئلة والمشكلات التي ستتم الإجابة عنها، والعمل على جمع المعلومات عنها وكيفية جمع المعلومات والتعليمات التي يجب الالتزام بها من قبل الفتية والشباب في النشاط، وأن يجتمع مسبقا بالفتية والشباب المشاركين بالنشاط ليوضح لهم الأهداف وشروط تنفيذ النشاط وكل ما يتعلق بذلك لتعريفهم بالمهمات المنوطة بهم والمكان الذي سيقومون بزيارته والبرنامج الزمني، والاهتمام بمرحلة التنفيذ التي هي مرحلة مهمة من مراحل النشاط البيئي الميداني، ومرتبطة بشكل وثيق بمرحلة الإعداد والتخطيط، وبهذه المرحلة فإن القائد هو المرشد والموجه للفتية والشباب أثناء التنفيذ، بعد أن تأكد من توضيح أهداف العمل وتوزيع الوثائق التي تشمل كل ما يلزم لتنفيذ النشاط.

وبهذه المرحلة على القائد أن يجيب عن الأسئلة التي تطرح من قبل الفتية والشباب ويناقشهم فيها، وعليه مراقبة أدائهم وعملهم، وتوجيه الملاحظات اللازمة لتلافي الأخطاء، إلى أن يصل إلى مرحلة التقويم، وفي هذه المرحلة يتابع ما توصل إليه الفتية والشباب من نتائج ومنها إعداد تقييم، وهذا التقييم لا بد أن يتضمن نتائج العمل الميداني والخطوات التي تضمنها تنفيذ هذا النشاط، وتبدأ عملية أو مرحلة مناقشة نتائج العمل الميداني وفقا لما تضمنه التقييم، وهذا التقييم سيفيد في استخلاص العبر وتوجهات المستقبل.