يمكن أن نعزو الإقبال على عمليات التجميل وتردد النساء على العيادات إلى حياة الرفاهية التي تعيشها بعض النساء، أو أنها من النساء اللواتي يرغبن في الوصول إلى درجة الواثقة من جمالها وأنوثتها.

وفي المقابل كثرت المستشفيات المختصة في عمليات التجميل التي بدأنا نشاهدها تفوق عدد البقالات والدكاكين، إضافة إلى تراجع أسعار العمليات مقارنة بما كانت عليه في السنوات الماضية.

ومع كثرة إجراء هذه العمليات نلاحظ أن هنالك أخطاء طبية لا حصر لها يقع فيها الطبيب الجراح الذي يقوم بالعملية الجراحية، وفي جراحات التجميل يختلف التكييف القانوني عن غيرها من العمليات الجراحية، فطبيب جراحة التجميل مطالب بإحداث نتيجة يرغبها المريض بخلاف لو كانت عملية أخرى يطلب من الجراح بذل العناية والحرص على وسائل سلامة حياة المريض.

وعلى ذلك فإن العلاقة بين الطبيب والمرأة المعالجة أو الخاضعة لعملية التجميل علاقة عقدية تخضع للأركان العامة التي تقوم عليها المسؤولية الخطأ والضرر والعلاقة السببية التي بينهما، وبما أننا ذكرنا أن الطبيب مطالب بتحقيق نتيجة فإن لم يحققها تثور أمامه المسؤولية العقدية بحسب الاتفاق المبرم بينه وبين الشخص الخاضع لعملية التجميل، كمثال شخص يريد أن يصغر حجم أنفه بحجم معين ولم يتحقق ذلك وترتب على هذه العملية ضرر، ولو معنوي، فإنه يحق للشخص المتضرر من عملية التجميل مطالبة الطبيب المعالج بالتعويض، لأن الضرر المعنوي في عمليات التجميل معتبر، لأنها تمس شكله الخارجي وتنعكس على سمعته ومركزه الاجتماعي، ولكن السؤال ما حجم التعويض الذي يطالب به المريض؟ هل يطالب بإعادة العملية على نفقة الطبيب الجراح؟ أم يطالب فيها بتعويض مادي حتى يقوم بإجراء عملية أخرى في مستشفى آخر أو عند طبيب آخر؟

إن التعويض في أخطاء العمليات لا يتم إلا في شكل مقابل مالي، وذلك لاستحالة التعويض عن العضو المتضرر، ولكن في بعض عمليات التجميل يكون للتدخل الجراحي دور في إزالة الضرر أحيانا، وهنا المريض المتضرر في خيار بين أن يطلب تعويضا نقديا أو إعادة العملية وإزالة الضرر، وإن لم يتم الاتفاق بين المريض وبين الطبيب فإن للمريض رفع الدعوى أمام اللجنة الطبية الشرعية التابعة لوزارة الصحة، والتي تقوم بدورها بتقدير الضرر الذي لحق المتضرر من خلال الظروف التي تصاحب المتضرر، لأن التعويض في الضرر المعنوي يقاس بمقدار ما لحق المركز الاجتماعي للمتضرر أو سمعته، فالتشويه الذي يلحق بوجه المتضرر -مثلا- يعتبر من الأخطاء الجسيمة التي يأخذها القاضي بالاعتبار بخلاف لو كان الضرر وقع في عضو آخر في جسد المتضرر، فالأضرار الظاهرة في جسد المريض تنعكس على شعوره وإحساسه ومركزه الاجتماعي، وللمتضرر حالة لم تقم اللجنة بالتقدير الذي يراه كافيا لجبر الضرر أن يستأنف الحكم ويطالب بالتعويض المالي الذي يجبر الضرر.