فيما أعلن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، أن بلاده لن تتحمل بقاء عناصر هيئة تحرير الشام «جبهة النصرة سابقا» في إدلب فترة طويلة، مشيرا إلى توقيع مذكرة تفاهم مع تركيا حول مدينة إدلب السورية، يتم بموجبها قيام أنقرة بفصل القوات المعارضة المتعاونة معها بعيدًا عن جبهة النصرة، قال مراقبون إن روسيا تبحث حاليا وضع تكتيكات جديدة لعزل مقاتلي النصرة «فرع تنظيم القاعدة بسورية» أولا عن المدنيين، ثم بعد ذلك عن باقي الفصائل المسلحة حتى يتم استهدافها والقضاء عليها، لافتين إلى سيطرة هيئة تحرير الشام على غالبية المحافظة وانتهاكاتها المستمرة، جدد احتمالات اندلاع المعركة في إدلب التي مازالت مؤجلة لحين وضع حلول حاسمة لحماية المدنيين.

وكانت روسيا وتركيا قد أبرمتا في 17 سبتمبر الماضي اتفاقا نص على إقامة «منطقة منزوعة السلاح» في إدلب، آخر معقل للفصائل المعارضة والمتشددة في سورية، ما جنّب المحافظة وقتها هجوماً كان يعد له نظام بشار الأسد.

ويوجد في إدلب 10 آلاف عنصر من تنظيمي داعش والقاعدة الإرهابيين وحوالي 40 ألفا من عناصر المعارضة المسلحة من الجيش الحر المدعوم مباشرة من تركيا، وكلاهما مزروعان وسط 3 ملايين مدنى.



حلول مؤقتة

بحسب المراقبين فإنه إلى جانب سيناريو الحرب، هناك خيار آخر وهو أن تحل تركيا بشكل مستقل مشكلة الإرهابيين في محافظة إدلب على سبيل المثال إنشاء فيلق عسكري ملحق بإدارة إدلب وأن تحل هيئة تحرير الشام نفسها وتستبعد قياداتها وتتجه نحو الاعتدال وتشارك في إزالة أسباب تصنيفها إرهابية، مشيرين إلى أن روسيا والنظام السوري يبحثان عن حلول سريعة لمشكلة إدلب انطلاقا من إدراكهما أن إنهاء ملف إدلب يعني تحولا كبيرا في مسار الأزمة السورية لصالحهما، وبالتالي فرض شروطهما السياسية في إطار مساومات تسوية الأزمة المتفاقمة منذ عام 2011.



استمرار الأزمة

وذكر المراقبون أنه رغم أهمية الاعتبارات الأمنية إلا أن وجود جماعات معارضة لبشار الأسد في المحافظة يعني بقاء الأزمة مفتوحة، فضلا عن احتضان إدلب للمئات من العناصر الشيشانية، والتي تمثل، بدورها، تهديدا مستمرا لمصالح موسكو، والتي تكشف سياساتها عن أن ثمة إصرارا على استعادة النظام لسيطرته الكاملة على محافظة إدلب.

وتكتسب إدلب أهمية استراتيجية بالنسبة للفاعلين الرئيسيين في الشمال السوري، حيث تعتبر تركيا المحافظة الواقعة على حدودها، مدخلها للحفاظ على نفوذها ووجودها ضمن أي إطار مستقبلي لتسوية الأزمة السورية، كما أن الجماعات المعارضة والمتشددة المنتشرة في إدلب تمثل رهانها في مواجهة خصومها، مثل «وحدات حماية الشعب الكردية»، التي تعتبر أنها امتداد لحزب العمال الكردستاني، الذي ينشط على المثلث الحدودي بين كل من العراق وتركيا وإيران.

 لكن يمكن القول بأن معركة إدلب مؤجلة وطبيعتها وحدودها متوقفة على النجاح في القضاء على التنظيمات الإرهابية حتى يمكن حماية المدنيين وتجنب سوريا دماء جديدة.