في 14 مارس من عام 2005، عاش اللبنانيون انتفاضة كبيرة أسست للاستقلال الثاني وللانعتاق من الاحتلال السوري، وتجمع اللبنانيون من كل الطوائف في يوم تاريخي بوجه السلطة التي حاولت تمرير جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وكأنها جريمة عادية، من دون أن ترد على أكثر من مليون مواطن نزلوا إلى الشارع ليطالبوا بالحقيقة والعدالة، وليشيعوه وبقوا فيه حتى سقطت الحكومة ومعها رموز النظام الأمني اللبناني ـ السوري المتهم بالتورط بالاغتيالات- لا سيما حزب الله الذي وجهت لأعضاء فيه ارتكاب الجريمة.



جرائم الحزب

يقول المراقبون، إن ما حصل في 14 مارس، كان معجزة لبنانية، مدعومة بغطاء عربي ومجتمع دولي، حيث تم رفع الغطاء عن شرعية وجود الجيش السوري في لبنان، وانهزم عهد الوصاية، وخرج اللبنانيون ليكتبوا من ساحة الشهداء في وسط بيروت تاريخا جديدا من الكرامة والعنفوان وإعلان انتصار ثورتهم، لكن رياح الحرية لم تستمر طويلا لا سيما بعد أن أدخل حزب الله إسرائيل إلى المعادلة في حرب 2006؛ لعله بذلك يغطي على جرائم الاغتيال التي تتالت بحق رموز سياسية من 14 مارس، وأدت لاحقا إلى انقلاب على الدستور وإلى غزو بيروت في 2008، ومحاولة إسقاط حكومة الرئيس فؤاد السنيورة وشرعيته عبر المطالبة بالمثالثة وتطويق السرايا الحكومية والاعتصام بوسط العاصمة من قبل أحزاب قوى الممانعة التي تأتمر بأوامر النظام السوري وحليفه الإيراني.



عمليات الاستغلال

 حسب تعبير مصادر سياسية تحدثت لـ»الوطن»، فإن الانتقال من وصاية النظام السوري إلى وصاية السلاح غير الشرعي لحزب الله الذي استخدم فائض قوته بالهيمنة على قرار الدولة بالحرب والسلم، واستغل ما عرف بسياسة ربط النزاع عبر التحالف الرباعي في انتخابات عام 2005، أدى إلى تشرذم قوى 14 مارس، لا سيما وأن الحزب استفاد من موقف الرئيس سعد الحريري بعد صدور القرار الاتهامي للمحكمة الدولية باتهام مسؤولين وعناصر بالحزب باغتيال والده والذي أعلن فيه رفضه استثمار الاتهام في السياسة الداخلية في لبنان.



سحب السلاح

ترى المصادر أن هناك إمكانية للعودة إلى صيغ للتعاون مع استشراس حزب الله اليوم في الهيمنة على الدولة، عنوانها يجب أن يكون المطالبة بسحب السلاح غير الشرعي وتطبيق القرارات الدولية المتعلقة بهذا الموضوع، فلا يجوز وجود سلاح خارج الشرعية اللبنانية، وهو مطلب دولي أيضا وإلا ذهب لبنان إلى تصنيفه كدولة مارقة. وتساءلت المصادر عن مدى الزام العهد ورئيس الجمهورية الذي وعد بمعالجة مشكلة سلاح الحزب عبر الاستراتيجية الدفاعية. ورغم تشكيل الحكومة، لم تتم الدعوة إلى نقاش جدي. ويقول عضو الأمانة العامة لقوى 14 آذار رئيس حركة «التغيير» إيلي محفوض لـ»الوطن»، إن «14 آذار وقبل أن تكون حركة وتنظيم وإدارة هي فكرة لبنانية قامت على مبدأ الدولة ومؤسساتها الشرعية وبالتالي هذه الفكرة لم تتوقف يوما وإن توقف التنظيم والإدارة لهذا التجمع». ونفى ما يتردد في بعض الصحف اللبنانية عما تردد من محاولات من المملكة لجمع هذا الفريق من جديد قائلا: «لا أعتقد أن المملكة تتدخل وتدخل في هكذا تفاصيل، لأنها تهتم بإعلاء شأن الدولة والشرعية ودعم الجيش والمؤسسات الأمنية الرسمية».