هل السعي إلى التوطين حقيقة أم؟؟ بتاريخ الخميس 13 سبتمبر 2018 قرأت خبرا بعنوان (تحديات التوطين تستفز سوق العمل) جاء فيه «شارك 300 مسؤول ومختص من منظومة العمل والتنمية الاجتماعية وقطاع الأعمال، في ورشة عمل تحفيز القطاع الخاص للتوطين، لمناقشة التحديات والحلول الراهنة لسوق العمل، بهدف توطين الوظائف، وتوفير فرص العمل اللائقة والمناسبة لأبناء وبنات الوطن، وخفض معدلات البطالة، وخلق بيئة عمل آمنة وجاذبة في القطاع الخاص.. الخ». لا شك أن التوطين يعتبر على رأس قائمة المسؤولية العامة، وأنه من الأهمية بمكان. الكل يتحدث عنه ويتمنى ألا يوجد في الوطن عاطل، ولكن هكذا هي الحياة، لا يكاد يوجد وطن على أرض البسيطة يخلو من البطالة، ولكن تختلف نسبتها من بلد إلى آخر، وغالبا ما تكون الوظائف الحكومية والخاصة مملوءة بالعاملين من أهل الوطن، أي وطن، وقد لا تجد أجنبيا أو وافدا يعمل فيها ومواطنها، إلا ما ندر، غير أن الوضع في بلادنا يختلف كثيرا عن سائر الأوطان بسبب التطور السريع والانفتاح على العالم بأسره خلال السنوات الأربعين الماضية، بسبب نهوض الاقتصاد وازدهار الحياة في كل الميادين. بسبب هذا التطور اتجهنا إلى اليد العاملة المتخصصة وغير المتخصصة لتدير تلك الأعمال لعدم توفر العامل الوطني، حتى وصلت أعداد الوافدين إلى أكثر من عشرة ملايين وافد. وخلال هذا العمر نشأت لدينا أجيال من الشباب والشابات حملوا المؤهلات العلمية العالية، ليحلوا بأماكن أولئك الذين وفدوا إلينا كعمالة فتحولوا إلى عمالة ماهرة بعد أن تدربوا وتعلموا الكثير من المهن بالممارسة فاكتسبوا الخبرة. ولتزايد أعداد الشباب والشابات المؤهلين وعدم حصولهم على أعمال أصبحت البطالة تقض المضاجع. ومن أجل القضاء عليها عقدت المؤتمرات ورسمت الإستراتيجيات وكونت لجان، وتوالى عقد الاجتماعات بين المسؤولين والمتخصصين للتعرف على إمكانية القضاء على البطالة. في السنوات العشر الأخيرة بدأت بوادر التوطين ولكنها بخطى بطيئة جدا، والسبب أوضح من الشمس، السبب وجود من يطأ على التوطين بقدميه حتى غرق التوطين بالطين، فلم يستطع النهوض من كبواته وكانت آخر المحاولات مشاركة هذا العدد الضخم (300) في ورشة عمل تحفيز القطاع الخاص للتوطين. لن ينهض التوطين وتتم السعودة ما لم تتماسك الأيدي المخلصة وتطبق نظرية مليكنا المفدى نظرية (الحزم والعزم)، ويقتص من كل من يحارب التوطين بشتى الطرق ويفرض التوطين بقوة، وذلك بالضغط على الشركات والمؤسسات ليفتحوا المجال أمام أبناء الوطن والتنازل عن تلك الحجج الواهية التي دائما وأبدا يتمسكون بها (الخبرة)، وهم يعلمون أن الخبرة لا تولد مع المتخرج وإنما تكتسب بالممارسة، وإن أصر أصحاب الشركات والمؤسسات على ضرورة توفر الخبرة بمن يريد العمل لديهم، فهذا يحتم على الجامعات أن تمنح الدارسين ساعات تحتسب لهم ليمارسوا الأعمال التي سيتخصصون بها لدى تلك المؤسسات بمسمى ساعات ميدانية، كما تفعل كليات الطب مع المستشفيات.