قد تشير حسابات قادة إيران إلى أنه في حال اشتباكات الجيش الإيراني مع قوات البحرية الأميركية فقد يخسر الجيش بعض قوارب الدوريات أو قاذفات الصواريخ، وسيتم تعويض هذه الخسائر من خلال المزايا المكتسبة من الدعاية التي تصف البحرية الأميركية بالدموية.

كما هدّدت إيران بمهاجمة أي دولة مجاورة تساعد في هجوم وقائي، لكن من غير المحتمل أن تشن هجمات صاروخية ضد أولئك الجيران. ورغم ذلك فإنها تستطيع أن تُشجع مجموعات وكلائها على الضلوع بأعمال سياسية تدميرية في هذه البلدان، أو المشاركة في هجمات إرهابية ضد منشآت النفط والغاز أو محطات التحلية أو خطوط الأنابيب أو محطات الطاقة أو الموانئ الجوية والبحرية.

ومن غير المرجح أن تحاول طهران غلق مضيق هرمز من خلال شن هجمات صريحة ضد عمليات الشحن باستخدام قذائف أرضية أو طائرات [عادية] أو طائرات هجوم سريع. ويرجع ذلك إلى أن إيران تُصدّر جميع نفطها تقريبا عن طريق هذا الممر المائي. وعلى الرغم من أنها تستطيع العيش دون صادراتها النفطية لبعض الوقت، إلا أنها لا تستطيع العيش دون الواردات التي تصل إلى البلاد عبر أربعة موانئ كبرى على الخليج.

ويُرجح أن تضطلع إيران بعمليات زرع ألغام سرية ودورية لإرغام أميركا على الشروع في عمليات مُكلفة ومفتوحة، فضلا عن عمليات مرافقة السفن والإبقاء على أسعار التأمين والنفط مرتفعة.

ويمكن أن يؤدي الهجوم الوقائي الإسرائيلي إلى عدد من التبعات غير المقصودة، قد يكون تأثيرها على المحصلة النهائية كبيرا، فقد يؤدي الهجوم على إيران إلى رد فعل وطني قصير المدى بين السكان يمكن أن يصب في صالح النظام، لا سيما في حالة قتل أعداد كبيرة من المدنيين. ولكن من الصعب التصور بأن الهجوم سيؤدي إلى تطرف غالبية الإيرانيين الذين ابتعدوا عن السياسة في ظل قمع النظام، حيث تظل غالبية الشعب كارهة للحرب، وتحاول يائسة التكيف مع التكاليف الاقتصادية للعقوبات. والواقع أنه بمجرد انقشاع الغبار بعد انتهاء الصراع يمكن توجيه النقد إلى الحكومة على تعاملها مع الملف النووي بطريقة أدت إلى مواجهة عسكرية.

إن الهجوم الوقائي قد يدفع إيران إلى طرد مفتشي «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» والانسحاب من «معاهدة حظر الانتشار النووي»، والشروع في برنامج مكثف وسري لصنع الأسلحة [النووية]، على افتراض أنها لا تمتلك بالفعل برنامجا سريّاً في الوقت الحالي.

وهذا احتمال حقيقي يؤثر بقوة على تفكير صناع السياسة الإسرائيليين. بيد أن نجاح طهران في هذا الجهد قد يعتمد على قدرتها على الحصول على المواد والمعدات الخاصة المطلوبة لإصلاح أجهزة الطرد المركزي التالفة أو بناء أجهزة جديدة، وقد لا تتمكن من القيام بذلك في أعقاب الهجوم.

وبعد رد أولي عنيف وعلني ضد المصالح الإسرائيلية (وربما الأميركية)، يرجح أن تتعرض إيران لضغوط هائلة من قبل معظم الدول للحد من نطاق الصراع وحدته في الخليج بغية تجنب تعطيل صادرات النفط أو إلحاق الضرر باقتصاداتها أو زعزعة الاستقرار الإقليمي بشكل إضافي. ويرجح أن يدفع الضغط الدولي النظام إلى الانتقال من العنف العلني إلى أنشطة دورية سرية عن طريق الوكلاء ضد المصالح الإسرائيلية واليهودية والأميركية.

وعلى الرغم من أنه لا ينبغي على المرء أن يكون مفرطا في التفاؤل حول قدرة الولايات المتحدة على احتواء مثل هذا الصراع وتجنب التصعيد، إلا أن المرحلة الحادة ستكون قصيرة المدى، وسرعان ما ستتحول إلى صراع مطول منخفض الحدة قد يستمر شهورا، بل ربما سنوات.

يكاد يكون من المؤكد أن أي هجوم أميركي على إيران سوف يؤدي إلى رد أوسع نطاقا. ويرجح ألا تستهدف طهران مصالح الولايات المتحدة فحسب، وإنما إسرائيل وحلفاء واشنطن من دول الخليج العربي أيضا.

وستكون التحديات السياسية للولايات المتحدة ثلاثية الأبعاد:

1. ردع أي عمل انتقامي من جانب الإيرانيين ضد المصالح الأميركية.

2. الحد من نطاق الصراع ومدته عن طريق إخراج «حزب الله» من الحرب وحشد الضغط الدولي على إيران.

3. التأكد من عدم قدرة إيران على إعادة بناء برنامجها النووي في أعقاب الصراع، وعدم قدرة «حزب الله» على إعادة التسلح.

وقد يلزم تنفيذ عدد من الخطوات التي يمكن لواشنطن اتخاذها -لردع وتقييد إيران وحلفائها- قبل وقوع أي هجوم إسرائيلي. كما ينبغي عدم تنفيذ بعض الخطوات الأكثر استفزازا إلا بعد التأكد من أن المفاوضات لا طائل منها أو متعثرة.

مايكل آيزنشتات مايكل نايتس

* آيزنشتات: مدير برنامج الدراسات العسكرية والأمنية في معهد واشنطن

* نايتس: متخصص في الشؤون العسكرية والأمنية

* معهد واشنطن