منذ هجمات 11 سبتمبر 2001، تم تسليط اهتمام شديد على ما يعنيه كون المرء مسلما - ونشأ الشباب المسلم وهم يرون كلمة إسلام تتردد باستمرار في العناوين الرئيسية.

ومن الواضح أن هذا الاهتمام يمكن أن يكون له تأثيرات جيدة وسيئة، لكن المنظمات الإرهابية التي تأمل في تجنيد أشخاص ليكونوا جزءا من جيوشها كانت تحوّر رسائلها وتصيغها وفقا لما يناسبها، من أجل استغلال الارتباك الناتج الذي يشعر به الشباب المسلم بشأن هويتهم.

ويدرك المسؤولون الغربيون وغيرهم ذلك أيضا، فقد فهموا أنه، بفضل الإنترنت، أن ما حصل قبل خمسة عشر عاما تقريبا خلال أزمة الرسوم الكاريكاتيرية في كوبنهاجن قد أثّر أيضا على الشباب في كابول. ومن خلال مساعدة السفارات والمبعوثين الخاصين للمجتمعات المسلمة، بإمكان الحكومة الأميركية تفهُّم مخاوف الشريحة السكانية الناشئة في هذه المجتمعات وعقليتها في أعقاب اعتداءات 11 سبتمبر. وتشكّل هذه العوامل الديموجرافية محور تركيز كتابي الجديد بعنوان «كيف نحقق الانتصار».

لقد شكّلت الهوية والانتماء المكوّن المركزي، أو بالأحرى الواقع المشترك، الذي يربط تجربة الشباب المسلم حول العالم خلال حقبة ما بعد 11 سبتمبر.

وكانت الأسئلة التي طرحها جيل الألفية من المسلمين في الدول ذات الأغلبية غير المسلمة مثل إسبانيا وإيطاليا مماثلة لتلك التي كان يطرحها نظراؤهم في المغرب أو ماليزيا، وكان ذلك لافتا للنظر، ومع ذلك واجهت الحكومة الأميركية مصاعب في تحديد هذا الارتباط لأنها تميل إلى تجزئة تركيزها وفقا للمنطقة. بيد أن الحرب الإيديولوجية لا تحدّ نفسها بمنطقة أو دولة معينة.

فعلى سبيل المثال، سأل والد في الدنمارك، والدموع في عينيه، كيف يمكنه تربية ابنه في مكان يحيط به عدد قليل جدا من الأصوات الإسلامية المتنوعة. وأوضحت مجموعة من الطلاب من زنجبار‎ أن الإسلام الإفريقي الأصلي المشبّع بعناصر عربية خاصة بزنجبار آخذ في التغير بسبب التأثيرات الأجنبية. في المقابل، تحدث المسلمون الأميركيون عن شعورهم وكأنهم لا ينتمون إلى بلدهم. وقد عكست جميع هذه الأحاديث الجوانب العاطفية لحرب إيديولوجية ملحوظة.

ومع ذلك، لا تتعامل الحكومة الأميركية مع المشاعر بشكل جيد. ولهذا السبب، لا يمكنها العمل بمفردها، لكن بإمكانها المشاركة مع شركات ومنظمات غير حكومية من أجل معالجة القضايا المثارة هنا.

واليوم، تلجأ المنظمات غير الحكومية لحلول مبتكرة ومثبتة، وتحتاج إلى أموال حكومية لبلوغ المقياس المناسب. ويجب أن يكون الدور الأكثر أهمية الذي تضطلع به الحكومة في كونها الجهة الراعية والشريك الفكري والمُيسّر. ويجب أن يدرك الكونجرس الأميركي أن حرب القوة الناعمة لم تتلق أموالا تعادل تلك التي تلقتها حرب القوة الصارمة، وأنه لا بدّ من تصحيح هذا التوازن من أجل وقف تجنيد الإرهابيين.

وعلى نحو مماثل، يجب أن يكون القطاع الخاص على استعداد للعمل مع الحكومة. ويمكن توجيه واستخدام هذا النوع من التفكير والإصغاء الثقافي، الذي تنتهجه أساسا الشركات في جميع أنحاء العالم، من قبل المنظمات غير الحكومية على أرض الواقع.

يذكر أنه خلال إدارتي بوش وأوباما، أدرك المسؤولون الأميركيون أن الواجهة الأمامية للتصدي للتطرف العنيف يجب أن تأتي من أصوات محلية وموثوقة على الأرض -خاصة من المنظمات غير الحكومية- لأن مجرد رفع العلم الأميركي وتقديم التماس لا يحركان أي شاب في اتجاه جديد. ومع ذلك، غالبا ما يكون تمويل المنظمات المحلية غير الحكومية غير كافٍ إلى حدّ كبير، وهو ما لا ينبغي أن يكون عليه الحال. يجب على كل من الحكومة الأميركية والشركات الخاصة منح هذه المنظمات غير الحكومية التمويل الذي تحتاج إليه للقيام بالعمل التي تعلم فعلا كيفية القيام به.

والسؤال الذي غالبا ما يطرح نفسه هو كيف يتعين على الحكومة الأميركية تنظيم نفسها لمحاربة إيديولوجيا التطرف العنيف. في الحقيقة، ليس هناك أهمية للوزارة التي تكرّس نفسها لهذه القضية، بل فقط أن يفكر شخص ما في الأمر على أساس يومي، تماما كما يكرّس عدد من الأفراد أنفسهم يوميا للقضايا العسكرية والاستخباراتية. والأهم مع ذلك يجب أن يكون العمل تعاونيا ومتكاملا بحيث يسهم الجميع في كل قطاع، سواء القطاع الخاص أو العام، في مجموعة الحلول.

 


فرح بانديث

* زميلة في «مشروع مستقبل الدبلوماسية» في «مركز بيلفر للعلوم والشؤون الدولية»

* مؤلفة كتاب «كيف نحقق الانتصار»

* معهد واشنطن