يأتي الحديث اليوم عن كتاب فرح بانديث «كيف تحقق الانتصار: كيف يمكن لأصحاب المشاريع المتطورة، وأصحاب البصائر السياسية، وقادة الأعمال المستنيرين، ومخضرمي وسائل التواصل الاجتماعي، ??أن يهزموا التهديد المتطرف»، في الوقت المناسب بشكل خاص. ففي الإستراتيجية الجديدة لمكافحة الإرهاب التي تتبعها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يضطلع الموضوع الرئيس -سواء أُطلقت عليه تسمية مواجهة التطرف العنيف، أو مكافحة التحول إلى الراديكالية، أو منع التطرف العنيف، أو منع الإرهاب- بدور بارز، والآن يبذل الفريق المشترك بين الوكالات قصارى جهده لمحاولة تنفيذ هذا التركيز.

ويوفّر هذا الكتاب فرصا للبحث عن الهوية الثقافية. وفي حين قد يبدو هذا الموضوع مسألة واضحة للنقاش -وموضوع سبق أن كُتِب عنه كثيرا- إلا أن كتاب فرح يتناوله بطريقة فريدة ومفيدة جدا للممارسين. فالجزء المهم من البحث عن الهوية الثقافية هو البحث عن الأصالة، ومن يمثلها. وبسبب المناصب التي تبوأتها فرح في الحكومة، يركّز هذا الكتاب في المقام الأول على هذه القضايا في المجتمعات الإسلامية حول العالم، لكن هذه المحادثات حول الهوية والأصالة تنطبق بنفس القدر في أي مكان آخر، حيث يبحث الناس عن هوية ثقافية، أو يشعرون بأن هويتهم بخطر، أو يبحثون ببساطة عن شيء أصيل.

على سبيل المثال، لطالما أشار المحللون إلى بوتقة الانصهار الأميركية ومدى اندماج المهاجرين في المجتمع الأميركي كسبب من الأسباب التي لم تجعل التحول من التطرف إلى العنف الموجه عقائديا مرتفعا في الولايات المتحدة كما في أوروبا على سبيل المثال. لكن الشباب في الولايات المتحدة يواجهون المسائل نفسها المرتبطة بالهوية والبحث عن الأصالة شأنهم شأن الآخرين، لا سيما في عصر تكنولوجيا المعلومات ووسائل التواصل الاجتماعي. ويشير ذلك إلى أن اتجاهات التطرف في الولايات المتحدة قد تتحرك في اتجاه صعب، على الرغم من نجاح الاندماج.

ولاستباق الأمور يجب على المسؤولين في الولايات المتحدة دمج البرامج القائمة أساسا والمبالغ المالية المخصصة لجهود منع العنف، والسلامة العامة، وجهود الصحة العامة في تلك التي تهدف إلى منع التطرف العنيف. وعليهم التركيز على تسخير موارد الصحة العامة، بشكل خاص، مع صب التركيز في المقام الأول على وجهات نظر عالمية ومجتمعية وفردية. كما عليهم دعم البرامج التي تشرك الأفراد -وهو أمر نفذه تنظيم «الدولة الإسلامية» داعش، وغيره من الأعداء بشكل أكثر فاعلية على سبيل المقارنة- وليس فقط محاولة حل المشاكل على مستوى المجتمع.

إن الوقاية هي المجال الذي تحقق فيه الولايات المتحدة المكسب الأكبر. ونظرا لقيام وزارة العدل الأميركية بتمويل مقاييس وتقييمات مختلفة لبرامج مكافحة التطرف العنيف، فإن الحجة القائلة بأن نجاح هذه البرامج غير مضمون قد بدأت تتلاشى. لذلك، يُعد تمويل هذه البرامج أمرا حيويا، وهو الأمر فيما يتعلق بالتعلم من برامج مطبقة في كندا وأستراليا ودول أوروبية مختلفة.

 


ماثيو ليفيت

*مدير برنامج ستاين لمكافحة الإرهاب والاستخبارات

* معهد واشنطن