بودي لو يبذل يوسف الأحمد و"رفاقه" نصف جهودهم الاحتسابية الحثيثة التي يقومون بها لمحاربة مشاريع الدولة التنموية بحجج التغريب والاختلاط في محاربة فقر اليتيمات والأرامل والمطلقات الموجودات في الأحياء الفقيرة، ولا أعلم ما الذي يجيز لـ"شيخ التنظيم الاحتسابي" وجماعته، والذي يظهر بوضوح خطها المعادي لمشاريع الدولة الهادفة لتحقيق مستوى متطور لحياة المواطنين، بل والمعادي لسياسة الحكومة الأمنية والفكرية في محاولتها القضاء على الغلو والتطرف الديني الذي تتوالد من مظلته قوائم المطلوبين أمنيا ممن يغرر بهم ليهددوا حياتنا؟! بل كيف يسوّغ الأحمد ورفاقه أنهم ومن تبعهم هُم وحدهم المسلمون في هذا الوطن المتسع الجغرافية وساكنيه على اختلاف مذاهبهم تحت دين واحد! ما هذه النرجسية بـ"المشيخة الدينية" لتجيز له ولتياره الاستمرار في التحريض على من يخالفهم في رأي مُغال يلوي أعناق النصوص، ويتبنونه وكأنهم وحدهم من يحتكرون الدين الأغر ويُشرعون فقهه وعلومه!! وبأي حق يفرض ورفاقه "تنظيمه" في زيارته الأخيرة لوزير العمل مطالبهم بتخصيص أسواق للنساء وأخرى للرجال، واقتراحات بعزل المرأة عن مجالات العمل الشريفة وغير ذلك من مطالب "مرّيخية"!! وحين لم يضع الوزير وقته في الاستماع لآراء متشددة عقيمة لا تتفق مع استراتيجية التنمية الوطنية، راح يخطب ومعه من تبعه في مسجد الوزارة بلغة تحريضية مسمومة بالتصنيفات الفكرية كالتغريب والعلمانية والتنفير والتي طالما حذر من الوقوع فيها قادة هذه الدولة!

لا ننسى زيارته السابقة لوزارة التربية والتعليم بعد أن تجمهر وتظاهر أمام مقر الوزارة مع رفاقه، ليجبروها على عرقلة مشاريعها التعليمية التنموية التي يحتاجها المواطنون ليكونوا قادرين على خوض تحديات المستقبل، بسبب مطالب تبدأ بالمرأة وتنتهي بها لإصابته بفوبيا "الاختلاط"، والذي أدى به لاقتراح "جهنمي" هو هدم بيت الله الحرام وإعادة بناء أدوار للنساء وأخرى للرجال!!

لن أستغرب غدا من ذهابه ورفاقه إلى وزير النقل ليطالبوه منعا للاختلاط برصف وتعبيد طرق وشوارع للنساء، وأخرى للرجال، ثم يذهبون لرئيس هيئة الطيران المدني ليطالبوه بتخصيص طائرات للرجال وطائرات للنساء!! وإلى وزير الشؤون البلدية والقروية ليطالبوه بهدم المدن الحالية وبناء مدن وقرى جديدة وفق ضوابط تمنع الاختلاط، ولا بأس ببناء مدن مخصصة للنساء الأرامل والعوانس والمطلقات على أطراف المدن "العائلية"، وهلُم جرا!؟

وبصراحة شديدة، كيف يظنُ هؤلاء أنهم صوت الأكثرية من المواطنين، وما هم سوى بضع عشرات ارتضوا لأنفسهم التشدد والغلو، بدليل أن توقيعات بياناتهم لا تزيد فيها الأعداد عن عشرات ومئات في مجملها لا تمثل سوى نسبة بحجم "النملة" أمام ما يقارب 28 مليون نسمة يشاركونهم هذا الوطن الكبير والدين العظيم!! ولا أعلم متى يدرك هؤلاء أن الوطن لا يسكنونه وحدهم، وأنهم ليسوا يد الله تعالى ليمتلكوا مفاتيح الجنة والنار ويصنفوا الناس هذا تغريبي وذاك فاسق؟! من هُم ليتحدثوا بأسمائنا وأصواتنا ومطالبنا؟! وما داموا يرفضون التنمية البشرية والتعليمية والاجتماعية والاقتصادية بحجة زعمهم أنها محاولة للتغريب، فدونكم صحراء الربع الخالي عيشوا فيها كما تشاؤون، وانصبوا خيامكم وعودوا لزمن الكتاتيب! أو اصعدوا إلى "المريخ" بما أوتيتم من علم، وحققوا لنا وللأمة الإسلامية التي تتحدثون باسمها معجزة الصعود إلى هناك! والله المستعان!