لم يفعل محمد الأمين شيئا طيلة نهاره سوى لعب البلياردو وتدخين السجائر في هذا المخيم الكبير الذي يضم اللاجئين الفلسطينيين، حيث يتجول المسلحون في أزقته الضيقة التي تعج بالمنازل المقامة بالأسمنت أو المسقوفة بالصفيح.

ولا يتقاضى هذا الشاب، البالغ من العمر 25 عاما الذي درس تقنية مختبرات طب الأسنان ويعمل الآن في مقهى قذر سوى مئة دولار تقريبا في الشهر.

وحلمه أن يعمل مع طبيب مشهور في المجتمع اللبناني وأن يشعر بالترحاب الذي يلقاه الأجانب، وأن يتخلص من النظرة الدونية التي ينظر إليه بها الآخرون.

يعلق الأمين، المولود في عين الحلوة بعد سنوات من فرار عائلته من فلسطين، قائلاً "ينتابني أحياناً شعور بأنني مثل زجاجة المياه الغازية المضغوطة التي هي على وشك الانفجار".

ويضيف الأمين متسائلا "لماذا يقبع ثلاثة أرباع الشعب الفلسطيني هنا ويبيع بعضهم القهوة في الشارع؟"

تساؤلات الأمين توافقت مع مناقشة البرلمان اللبناني لقانون من المنتظر أن "يسمح للفلسطينيين من الآن فصاعدا بالعمل في عدد من التخصصات وامتلاك العقارات، بالإضافة إلى منحهم استحقاقات الضمان الاجتماعي".

ويعد هذا الاقتراح القانون، الذي من المقرر أن يطرح للتصويت في السابع عشر من أغسطس الجاري، المسعى الأكثر جدية حتى الآن في لبنان لتعديل السياسات المتبعة في حق اللاجئين.

وهو القانون الذي يضع عليه كثير من اللاجئين الفلسطينيين، الذين يبلغ تعدادهم نحو 400 ألف، آمالهم.

خاصة وأنهم في ظل الوضع الراهن يحظر عليهم العمل في كافة التخصصات عدا الوضيع منها، كما أنهم محرومون من الكثير من حقوقهم الأساسية.

وينقسم الشعب اللبناني المؤلف من أربعة ملايين نسمة بين ثماني عشرة طائفة، فمنهم المسلمون السنة والشيعة والمسيحيون والدروز، وكل طائفة تنظر بعين الشك إلى كل إجراء من شأنه أن يخل بتوازن القوى في هذه البلاد ذات التاريخ حالك السواد بفعل الفتن الطائفية.

ويشعر المسيحيون والشيعة على وجه الخصوص بالقلق من أي مساع قد تؤدي إلى منح اللاجئين وضعا دائما، فمعظم اللاجئين الفلسطينيين من المسلمين السنة.

ولهذا السبب فإن الفلسطينيين بمخيم عين الحلوة تملأ صدورهم الشكوك في أن شيئا ما سيتغير في أوضاعهم.

تقدم الزعيم الدرزي وليد جنبلاط بمشروع قانون الحقوق في يونيو الماضي، وقد أثار جدلا محتدما. وأصر بعض النواب على ضرورة عدم منح الفلسطينيين أي "امتيازات" طالما لا يخضعون لسلطة البلاد. وجادل آخرون بأن السماح للفلسطينيين بالعمل والحصول على التأمينات الاجتماعية سيمثل عبئا على الاقتصاد. وقال الزعيم المسيحي ميشال عون "إنهم لا يستحقون أية حقوق بموجب القوانين اللبنانية ـ يمكننا أن نعطيهم بعض التسهيلات فقط".

واتهم النائب سامي الجميل من حزب الكتائب المسيحي اليميني وكالات الأمم المتحدة بمحاولة التنصل من مسؤوليتها عن الفلسطينيين وإلقائها على كاهل اللبنانيين.

ويحذر من أنه في حال حدوث ذلك "فإننا سنسير خطوة خطوة نحو تطبيع وضع الفلسطينيين".

وينقسم البرلمان إلى حد كبير حسب الانتماءات الطائفية حول مشروع القانون حيث يعارضه المسيحيون ويؤيده المسلمون. وربما تكون النتيجة حلا وسطا يمنح الفلسطينيين حقوق عمل أوسع مع الإبقاء على قيود أخرى مثل حظر امتلاك العقارات.