ورد في صحيفة الوطن بتاريخ 5/ 7/ 2011 تحقيق صحفي بعنوان "بيت شَعر يحرم أسرة من منزلها"، والتحقيق يتناول أسرة سعودية تسببت بلدية جدة في إلقائها في الشارع بعيداً عن منزلهم الذي ما زالوا يسددون أقساط شرائه، انتصاراً لشكوى جار لا يقيم في جدة، اشتكى من وضعهم بيت شعر في السطح، كما يفعل كثير من الناس للتوسعة على الأسر كثيفة العدد والتي لا تملك غرفاً كافية، أو حتى فقط لإيجاد جلسة شعبية ممتعة داخل المنزل، يذكر التحقيق أن بناء بيت الشعر لا يعد مخالفة، ومع ذلك انتفضت بلدية جدة وتقدمت لشركة الكهرباء بأمر فصل الكهرباء لإرغام الأسرة على مغادرة المنزل للشارع، وهذا ما حدث ليسكنوا في شقة مفروشة تكلفهم مبلغاً وقدره، ومنزلهم أمام أعينهم.

ويبدو أن بلدية جدة جادة جداً تجاه شكاوى كل المواطنين ما عدا أنا وجيراني، فأمام منزلي حديقة كما هو المفترض بحسب ما شاهدناه في المخطط عند شرائنا للأرض، هذه الحديقة الافتراضية تحولت لمكب لدمار وبقايا بناء المنازل المجاورة، والذي أصبح مأوى للأفاعي السامة وكبيرة الحجم التي تتجول بحرية تحسدها عليها أفاعي الربع الخالي، وعلى الرغم من أننا اشتكينا وأصبح 940 رقماً متداولاً بين الجيران؛ إلا أنه لا مجيب، وبخاصة أن الأفاعي بدأت تهاجم المنازل، ويبدو أننا سنجد أنفسنا غداً مثل أصحاب بيت الشعر في شقة مفروشة.

إن كل ذلك يستجلب علامات تعجب عديدة، فمع احترامي لبلدية جدة ـ مهما جرى منها وصار، سواء كان غرق جدة في السيول، أو فئران الكورنيش، والشوارع المسفلتة سفلتة مؤقتة والتي تحوطها على جانبيها جبال من القمامة يعجز عن جمعها عمال النظافة الذين امتهنوا التسول وطرق الأبواب للحصول على وجبة أو ريالين، أو المستنقعات، أو الذباب، أو حمى الضنك... إلخ ـ كيف انتفضت على هذا المواطن بالذات ولم تنتفض لشكاوانا نحن في شرق وغرب وجنوب جدة، ولم لم ترد على صحيفة الوطن وتخبرها كيف اعتبرت بيت شعر قضية ولم تعتبر كل ما سبق شيئاً توليه اهتمامها؟! أم أن الجار مقدم الشكوى ـ الذي لا يسكن في جدة وإن كان يملك فيها عقاراً ـ ضد بيت الشعر أبلغ منا وأفصح في شكواه، ونحن لم نعرف كيف نشتكي ونستحث همتها للدفاع عن حقنا في أن نعيش داخل بيوتنا في أمان من لدغ الأفاعي والعقارب، أو أن يكون أمام منازلنا حديقة نظيفة ومرتبة يلعب فيها صغارنا، أو أن نتعشى على شاطئ الكورنيش دون أن يشاركنا فأر وجبتنا؟!

أنا لا أعرف حقاً ما يجب فعله لتحريك هذا الجهاز الظاهر تقصيره للجميع، فأينما ذهبت تجد دليلاً على ذلك، مما يبث في داخلك الحزن على مدينتك ليمر بذاكرتك شريط طفولتك حاملاً معه صور الساحل الجميل والحواري الضيقة لكنها كانت نظيفة، منتهياً بغرق المدينة وأكوام النفايات وأخبار الجيران التي لا تنقطع عن إصابة أحدهم بحمى الضنك، حتى إنك تنتظر دورك للإصابة بها ما دمت تسكن في جدة.