خلال الثلاثين سنة الأخيرة تمكنت دول الخليج العربي من فرض نفسها في سوق البتروكيماويات العالمية، وأن توسع حصتها من الكعكة من 5% إلى ما يتجاوز 20%، إلا أن أرامكو السعودية تعمل حاليا على النهوض بالصناعة بصورة أكثر من السابق من خلال التركيز على إنتاج المواد الكيماوية "المعقدة" بدلا من البتروكيماوية، عبر استثمارت تصل الى 28 مليار دولار، وذلك نظرا لأنها ذات هامش ربح أعلى وتوفر المزيد من فرص العمل.

ويرى الرئيس التنفيذي لأرامكو السعودية خالد الفالح أن صناعة البتروكيماويات في الخليج مازالت مهمة، حيث إن عوائدها السنوية حاليا تصل إلى 40 مليار دولار من المتوقع أن تتضاعف إلى 80 مليار دولار بحلول عام 2020، ولكنه يرى أن صناعة الكيماويات ستدر أموالا أكثر على المنطقة، ولهذا فهو يطمح أن ترتفع العوائد من البتروكيماويات والكيماويات بخمسة أضعاف إلى 200 مليار دولار بعد عشر سنوات من الآن.

وقال: "سنتمكن من مضاعفة المبيعات السنوية للصناعة في الخليج بنحو خمسة أضعاف ومضاعفة فرص العمل في المنطقة بنحو ثلاثين ضعفا. لقد أجريت حساباتي ورأيت أنه ممكن".

وكشف في كلمته أمام مؤتمر لصناعة البتروكيماويات الخليجية أمس في دبي أن شركته ستطرح منتجات كيماوية جديدة لم يتم تصنيعها من قبل في منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي من خلال مجمعين للكيماويات تحت الإنشاء الآن في رابغ بالشراكة مع سوميتومو كيمكال اليابانية وفي الجبيل مع داو كيمكال الأميركية.

وأوضح الفالح للصحفيين على هامش المؤتمر أن من المتوقع أن تصل تكلفة توسيع مجمع بترورابغ للبتروكيماويات الذي تشترك فيه الشركة مع سوميتومو كيمكال إلى ما يترواح بين ستة وثمانية مليارات دولار فيما تقترب تكاليف مشروعها الآخر مع داو كيمكال في الجبيل من 20 مليار دولار.

وستنشئ أرامكو وحدة جديدة في الشركة لتسويق منتجاتها الكيماوية والتي تحتاج إلى عملية تسويق أصعب بكثير من عملية تسويق البتروكيماويات نظرا لكونها منتجات أكثر تعقيدا بحسب ما أوضحه مصدر في الشركة لـ"الوطن".

وحتى تتوسع صناعة البتروكيماويات فإن على أرامكو أن تزيد من إنتاج الغاز الطبيعــي الذي يعتبر اللقيـــم الأساسي للصناعة، والذي يشكل المادة الرئيسة في تصنيع كل المواد الأساسية مثل الإيثيلين والبروبلين، وهذا ما دفع الفالح إلى طمأنة الصحفيين بأن إنتاج الشركة من الغاز الطبيعي سيزيد في السنوات المقبلة مع دخول مشاريع جديدة في واسط وحصبة في الوقت الذي لا يزال فيه الكشف عن الغاز غير المصاحب في الربع الخالي مستمرا.

وقال الفالح: إن الشركة ستبدأ تشغيل محطة واسط، أكبر محطاتها للغاز في عام 2013 قبل الموعد المتوقع في الوقت الذي تعجل فيه بالتوسع في إنتاج الغاز لسد الطلب المحلي الذي ينمو سنويا بنسبة بين 5 إلى 6% بحسب ما أوضحته أرامكو في وقت سابق. وكان الفالح قال في أبريل: إن محطة واسط للغاز ستبدأ الإنتاج في 2014.

وأضاف أن محطة واسط بالإضافة إلى محطتي الخرسانية وكران ستساعد السعودية على تحقيق الزيادة المستهدفة في معالجة الغاز الخام إلى 15.5 مليار قدم مكعبة يوميا بحلول 2015 من 10.2 مليارات قدم مكعبة حاليا. وواسط هي أحد مشروعين جديدين للغاز تعتزم أرامكو تطويرهما. والمشروع الآخر هو مشروع الشيبة لسوائل الغاز الطبيعي الذي قال الفالح: إنه ستجرى ترسية عقود إنشائه في الربع الأول من 2011. وسيبدأ تشغيل المحطة في أواخر 2014.

ولدى واسط القدرة على معالجة 2.5 مليار قدم مكعبة يوميا من حقلين بحريين للغاز الخالص عالي الكبريت هما الحصبة والعربية. وستنتج أيضا نحو 1.75 مليار قدم مكعبة يوميا من غاز الاستخدام. وتدرس أرامكو حاليا عروضا برية لمحطة واسط بينما مازال تقديم العروض لمحطة الشيبة مستمرا. وشهد المؤتمر السنوي الخامس للصناعة الذي ينظمه الاتحاد الخليجي للبتروكيماويات والكيماويات (جبكا) إقبالا كاسحا من قبل الشركات العالمية في المجال بصورة أكثر من السنوات الخمس السابقة، والسبب ليس مستغربا فهناك مشاريع بقيمة 50 مليار دولار تنوي دول الخليج أن تضيفها في السنوات الخمس المقبلة.

وتسعى دول الخليج إلى السيطرة على ربع إنتاج العالم من اللقيم الأساسي للصناعات البتروكيماوية، وهو الإيثيلين، حيث توقعت وزيرة التجارة الخارجية الإماراتية الشيخة لبنى بنت خالد القاسمي في كلمتها أمام المؤتمر أن طاقة إنتاج الإيثيلين سترتفع بواقع سبعة ملايين طن بحلول 2015 ليشكل 25% من الإنتاج العالمي الإجمالي.

وأضافت أنه سيتم إنشاء تسع وحدات تكسير جديدة في المنطقة بحلول 2015، خمسة منها في السعودية وواحدة في قطر وواحدة في الإمارات واثنتين في إيران. وقالت: إن إنتاج البتروكيماويات في الخليج يلبي حاليا ما يصل إلى 40% من الطلب الآسيوي.