الصحافة كما يقال هي المرآة التي تعكس جميع المتغيرات والأنشطة التي تحدث في أي مجتمع إنساني، أو هي كما أصورها كمشرط لطبيب جراح محترف يعمل على اجتثاث الأعضاء الفاسدة من جذورها، فبارك الله لنا في صحافتنا، وبارك الله لنا في مشارط جميع كتابنا الأفاضل.

تحدثت على صفحات هذه الجريدة لعدة أسابيع متتالية ومتقطعة وفي العديد من المقالات، عن جيولوجيا الحجاز وما تتضمنه هذه الجيولوجيا من أنشطة بركانية وزلزالية نشطة، يتوقع حدوثها في المستقبل، وما أن طرحت هذه المقالات حتى أنبرى علي بعض الجيولوجيين العاملين في هيئة المساحة الجيولوجية وغيرهم يكيلون لي دون رحمة أو هوادة تجريحا وانتقادا شخصيا وتشكيكا في قدراتي وخلفيتي العلمية، في الحقيقة أنا لم أهتم كثيرا لهذا التجريح، فمن منا بلا خطيئة، ولكن كنت أمون على هؤلاء القوم أن ينتقدوا ما أقدم من مادة علمية، بعيدا عن التجريح الشخصي ولكن ماذا أقول؟ سوى ما قاله شوقي رحمه الله: "وأهلي وإن ضنوا عليّ كرام"، نعم ما أقدمه من مقالات علمية عن جيولوجيا الحجاز على صفحات هذه الجريدة، أمر علمي خطير جداً، وكم كنت أتمنى من أعماق أعماق نفسي أن يكون لهذا الأمر صدى علمي احترافي، سواء كان ذلك بالرفض أو القبول بعيدا عن التجريح الشخصي، وأنا قلت سابقا وأكرره مرة أخرى على صفحات هذه الجريدة، أنا مستعد لأي حوار علمي في جميع ما أطرحه من مادة علمية في أي زمان وأي مكان ومع أي كان، للوصول إلى ما فيه خير هذا الوطن الغالي على قلوبنا.

تحدثت في ثلوثية الوجيه الفاضل محمد سعيد طيب، عن كارثة بيئية ستواجهها جميع النظم البيئية في مدينة جدة وهذه الكارثة تتمثل في إنشاء محطة معالجة مياه الصرف الصحي في الركن الجنوبي الشرقي من مطار الملك عبد العزيز الدولي بطاقة إنتاجية تصل في مراحلها الأخيرة إلى معالجة 2 مليون متر مكعب من مياه الصرف الصحي، كما ذكرت في العديد من المحافل أن هذه الكارثة ستأتي على الأخضر واليابس، وستمثل تحديا خطيرا على صحة جميع شرائح المجتمع خاصة الأطفال، وسترفع نسبة ووتيرة الأمراض بجميع أنواعها بين سكان جدة والمقيمين بها، هذه الكارثة تحدثت عنها منذ أكثر من عشرة أعوام، وتحدثت عنها مع جميع المسؤولين، وتشهد على ذلك أمانة مدينة جدة، كما تشهد على ذلك الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، كما يشهد على ذلك جميع الشرفاء من أهل جدة، كما يشهد على ذلك، العديد من البرقيات التي بعثت بها إلى جميع المسؤولين، كما يشهد على ذلك العديد من المقالات التي نشرتها علي صفحات العديد من الصحف والمجلات المحلية، ويشهد أيضا على ذلك جميع المهندسين في مشاريع المطارات.. ويشهد.. ألخ ولكن لا حياة لمن تنادي، هذه الكارثة البيئية ستكون بصناعة سعودية كتب عليها صنعت في وزارة المياه! ومن هذا المقام أتوجه بنداء إلى الجهات المختصة، بإيقاف هذا المشروع، والتحقيق مع من أجازوا قيام هذا المشروع من الناحية البيئية، فوزيرالمياه أخبرني شخصيا، أن وزارة المياه ستنفذ هذا المشروع بناء على دراسة تقويم بيئي Environmental assessment صادرة عن الأرصاد وحماية البيئة تجيز هذه الدراسة إنشاء هذا المشروع!! ويعلم الله أنني قد طالبت وزارة المياه والكهرباء منذ أكثر من عشرة أعوام بإيقاف هذا المشروع، عندما كان هذا المشروع في المهد صبيا، أي قبل أن يصرف عليه بلايين الريالات. فيا وزارة المياه التاريخ بيننا، وحكمه نافذ وأحكامه غير قابلة للطعن أو الاستئناف!!، أحب من هذا المنبر أن أوضح للجميع أنني لا أعارض قيام مثل هذه المشاريع الحضارية لمجرد المعارضة، ولكني أعترض على قيامها عندما يكون إثمها أكبر من نفعها!! فمثل هذه المحطة ستنشر البكتيريا والجراثيم والفيروسات الممرضة والضارة في دائرة يتراوح قطرها من 2 إلى 6 كيلو مترات ويتوقف ذلك على درجة سرعة الرياح واتجاها، وهذه المحطة كما يعرف الجميع أصبحت في قلب الأحياء السكنية، من هذه المحطة أيضا سينبعث العديد الغازات السامة بعضها لا يرى وليست له رائحة مثل غاز الميثان، التعرض لمثل هذا الغاز بصورة متكررة(كما سيحدث للسكان القريبين من هذه المحطة)، يتسبب أجارنا وإياكم الله في العديد من الأمراض، ومن هذه المحطة أيضا ستنبعث أيضا بعض الغازات ذات الرائحة الكريهة مثل غاز كبريتيد الهيدروجين Hydrogen Sulphide والتي تشبه رائحته رائحة البيض الفاسد، التعرض لمثل هذه الغاز بصورة متكررة يتسبب في تهتك أنسجة الرئة الذي يؤدي إلى الموت، وهذا ليس كلامي إنماه قول العلم.