منذ نشر مقالي (وزارة الصحة، أيهما نصدق؟ ما نراه أم ما نسمعه) وصلت إلي الكثير من الرسائل الغاضبة من ممرضات ساءهن الحديث عليهن وانتقادهن، وبعضهن اعترفن ببعض المساوئ وأوجدن لها ما يبررها، إلا أن الفتاة التي أسمت نفسها بـ (ممرضة مناضلة) كانت هي الأكثر واقعية ووضوحا في الطرح، وكانت محايدة في ما لها وما عليها، وطلبت بإيصال مطالباتها للوزارة، لذلك كان مقال الأمس للحديث عن واقع الممرضات من وجهة نظر المرضى، أما مقال اليوم فهو للحديث عن نفس الواقع ولكن من وجهة نظر الممرضات أنفسهن، إحقاقا للحق، ونترك الحكم للقارئ.

ما ذنب المريض حتى يدفع للممرضات المغبونات ثمن تقصير الوزارة معهن أو إهمالهن كما يدعين. فتقول المناضلة: "إننا نعاني في كل نواحي حياتنا ونتحمل عبئا مرهقا من ساعات العمل الطويلة، وبيئة العمل السيئة، حيث لا يوجد حتى مكان مناسب للراحة.." وأعتقد أن الكثير من الموظفات في القطاعين الحكومي والخاص يشاركن الممرضات في طول مدة الدوام. كالبنوك مثلا، بالرغم من كون الراتب غير مجز كرواتب الممرضات.

ثم تكمل: "بالإضافة إلى أنه لا يوجد قانون للعمل يحمي المرأة من التحرش، ولا يوجد في المراكز الصحية أي حراسات أمنية لحمايتنا، كما أن الممرضة تدفع من حسابها الخاص، خاصة في المراكز الصحية، لإتمام العمل سواء كان لعمل نشرات التوعية، أو اللوحات التثقيفية، كما نتحمل كثيرا من الضغوطات الأسرية والاجتماعية، التي تنظر للممرضة بنصف عين. بالإضافة إلى أن زملاء المهنة من الرجال يتضجرون من وجودنا لأننا حرمناهم من الممرضة الأجنبية التي تقوم بالعمل بدلا منهم، دون كلل أو ملل أو شكوى، وهذا راجع لتعودها في بلدها على ساعات وطبيعة العمل (وهذا الأمر أغرب ما أوردته الممرضات في مرافعتهن، ففيه إقرار بالتقصير واعتراف بأفضلية الأجنبية كما أسموها) ونحن لا نأخذ بدلا للعدوى بالرغم من تواضعه، ويعطى في الغالب للرجال، وكله بسبب عدم قدرتنا على التواصل مع إدارتنا الرجالية البحتة، نحن نعمل ساعات الدوام كاملة دون توقف والرجال يقتسمون العمل، نحن نعمل وننجز ويأتي المسؤول الرجل ويوقع على ما أنجزناه ويكرّم وغيره الكثير". ثم تختم: "أنا معك أن الوزارة أصبحت في وضع صعب مع المرضى ولكن ليست الممرضة السعودية سببه".

وقبل أن أنهي مقالي، أتساءل مع قرائي، هل معنى هذا أن يصبح حق المرضى مهدرا بين وزارة الصحة وجيوش الممرضات المغبونات؟