أسامة خياط                            عبدالعزيز آل الشيخ                       صلاح البدير

تفاعل أئمة وخطباء الجوامع في خطبتي الجمعة بمختلف المناطق أمس، مع البيانات الصادرة من وزارة الداخلية وهيئة كبار العلماء والتي تحذر من الوقوع في الفتن والمظاهرات المؤدية للغوغائية وإشاعة الفوضى، مشددين في خطبهم على أهمية احترام الأنظمة والقوانين المستندة على الكتاب والسنة، والقاضية بتحريم المظاهرات والخروج على ولاة الأمر.

وشددوا في خطبهم على أهمية وضرورة طاعة ولاة الأمر وتقديم النصيحة من خلال القنوات الشرعية، وعدم الانسياق للدعوات التي يثيرها المحرضون من منابر إعلامية بهدف زعزعة أمن واستقرار المملكة واختلاق الفوضى، وأن كل مواطن ومقيم على أرض المملكة يناط به دور كبير لحفظ الأمن وإبلاغ السلطات الأمنية عن كل ما يشتبه له، وأن يكون الجميع صفا واحدا خلف قيادتهم.


حملات مسعورة

وأكد مفتي عام المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، أن ما يشاهد هذه الأيام من دعوات لإحداث مظاهرات أمر مهول وحملات "مسعورة" لجعل الأمة "متخلفة، فوضوية، خالية دستورياً"، واصفاً من يحدثون ما يسمى بـ"حملات الإصلاح" بأنهم يقاتلون في سبيل "الطاغوت".

وحذر آل الشيخ في خطبة الجمعة التي ألقاها في جامع الإمام تركي بن عبدالله بالرياض أمس، من المخططات التي تهدف لتفكيك شمل هذه البلاد، حيث إن المواطنين والمقيمين مسؤولون عن أمن البلاد، لأن الأعداء يريدون إلحاقها بركب الآخرين، منادياً أبناء هذه البلاد إلى عدم الاشتراك بالشعارات الزائفة وعدم التغاضي عنها وأن من يرى عكس ذلك أنه "ظالم لنفسه وما يصيبه من مصيبة يتحملها بنفسه".


مخططات رهيبة

وقال آل الشيخ، إن ما يشاهد هذه الأيام من إحداث للمظاهرات هو أمر مهول وحملات "مسعورة" ومخططات رهيبة وضعها أعداء الأمة من اليهود وأعوانهم للنيل من الأمة والانتقام منها وتفريقها وتشتيت صفها وإضعاف كيانها وجعلها أمة "متخلفة" كما يريدون، نامية لا تستطيع الوقوف على قدميها إلا بمساعدة أعدائها، وإن تلك المخططات أعدت منذ زمن طويل لتفريق الأمة.

وأبدى آل الشيخ، أسفه من كون بعض تلك الأفكار تبنيت من قبل بعض أبناء المسلمين ومن يحسبون على الإسلام وظنوها خيرا وصلاحا وهم لا يعلمون أن الغاية منها الفساد والدمار لكي تدمر الأمة بلادها بأيديها وأيدي أعدائها لتقضي على كيانها واجتماعها واقتصادها وأمنها لتتركها أمة "فوضوية خالية دستورياً" لا قائد ولا ناهي لها لتعيش الفوضى بها دائماً وهو ما يريده ويبتغيه الأعداء.


حرمة المظاهرات

وشدد آل الشيخ، على حرمة إحداث المظاهرات في الشريعة تحت غطاء "الإصلاح"، واصفا المشاركين والمنظمين لتلك المظاهرات بأنهم يقاتلون في سبيل "الطاغوت والشيطان" كما قال الله تعالى: "الذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت".

ونوه آل الشيخ، بأن تلك شعارات زائفة جاءت لسفك الدماء الأبرياء وانتهاك الأعراض ونهب الأموال والإخلال بالأمن وإعدام الأمة وتدمير كيانها وتفسد أخلاقها وتقضي على اقتصادها وتجعل أموالها محل نهب للأعداء بكافة الوسائل.

وأكد آل الشيخ، على أن من أصيبوا بتلك المصائب في أراضي المسلمين والذين أرادوا التخلص من الظلم ولكن المصيبة أن التخلص جراء عليها بـ"ظلم أعظم من سابقة".


الشعارات المظللة

وقال آل الشيخ "اتقوا الله في أنفسكم وانظروا إلى نعم الله التي تعيشون بها واحمدوا الله عليها، وأن المقيمين بهذه البلاد هم مسؤولون عن أمنها لأنها بلد الإسلام والتوحيد والحرمين ويجب المحافظة عليها، فالقيادة تسعى جاهدة فيما ينفع الأمة ولكن الأعداء والحاقدين يأبون إلى رفع الشعارات المظللة وإحداث الغوغاء التي نرفضها ولا نقرها شرعاً وديناً ونعتقد بأنها فساد وظلال وجلب للمفاتن وتحقيق للمصالح، فاتقوا الله ولا تجعلوا أنفسكم منقادين مع كل شعارات يرفعها من لا دين وأمانة لهم".

وشدد آل الشيخ على أن كل صاحب ضلالة ومبدأ خبيث ومن في قلبه غل على الأمة الإسلامية ومن يحمل الحقد على المجتمع المسلم لا يظهرون حقيقة أمرهم ولو بينوا ذلك لكن الرد عليه "مفاجئ وحاضر"، وأنهم يلبسون ضلالهم وفسادهم بثوب "الإصلاح"، ووصف المفتي ذلك المبدأ الخطير بأنه "خلق المنافقين وأعداء الدين" كما قال الله سبحانه عن فرعون إنه قال لقومه "إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأرْضِ الْفَسَادَ"، حيث إن فرعون جعل دعوة موسى للحق فساد بينما كبرياؤه ودعواه الربوبية إصلاح وقال المفتي "هكذا هم الضالون المنحرفون".

وقال آل الشيخ، إن من الحياء إرشادك في الحوار والنقاش أن يكون مؤدباً والملاحظة على الآخرين دون انتقاص حق أحد ولكن إيضاح الحقوق كلها من غير انتقاص وازدراء بالآخرين ولا تعلٍّ عليهم، وإن من الحياء احترام الكبير ورحمة الصغير وعدم التعالي على الآخرين وإن المسلم إذا تحلى بصفات الحياء نال الخير كله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الحياء لا يأتي إلا بخير".


رفض الفوضى

إلى ذلك، أكد إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ صلاح البدير في خطبة الجمعة أمس، أن الشعب السعودي يرفض الفوضى والتدخل في شؤونه من أي جهة كانت، ويقف مع ولاة أمره ضد كل حاقد وحاسد وعابث وفاسد ومارق، مفارق وخائن منافق، وضد كل من يريد زعزعة الأمن في بلده، وزرع الفتنة في أرضه، وأنهم يمدون أيديهم في أيدي ولاة أمرهم ويقولون "نحن على العهد والوفاء والولاء والانتماء سلما لمن سالمهم وحربا على من حاربهم". وقال البدير إن المملكة تحت ولاية مسلمة تدين للحكم بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وفي أعناق شعبها بيعة لها، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية".


الولاية المسلمة

وأوضح الشيخ البدير أن تلك المظاهرات التي يدعى إليها في بلاد الحرمين تعد خروجا على هذه الولاية المسلمة ومن عقيدتنا السلفية الناصعة عدم جواز الخروج على ولاة أمرنا أو قتالهم أو تحريك القلوب بالسوء والفتنة ضدهم وندعو لهم بالصلاح والمعافاة والتوفيق والسداد.

وحذر الشيخ البدير، من مفارقة الجماعة واتباع أصحاب الفكر المقبوح والتوجه المفضوح، دعاة الفتنة وأذناب الأعداء ورؤوس الشر الذين امتلأت قلوبهم حقدا على الإسلام وأهله وحسدا على بلاد التوحيد وأهلها فسعوا إلى إشاعة الفوضى والنيل من كرامة بلادنا وأمنها وسيادتها ووحدتها عبر الدعوة إلى إقامة ثورات ومظاهرات ومسيرات وتجمهرات وتجمعات واضرابات واعتصامات في أرض الحرمين الشريفين خدمة لأعداء الإسلام وأهدافهم الخبيثة.


الموطن الأسمى

وقال الشيخ البدير، إن البلدان والأوطان تتفاوت شرفا ومكانة وعلوا وحرمة ومجدا وتاريخا، وتأتي المملكة بلاد الحرمين الشريفين وراعية المسجدين العظيمين وخادمة المدينتين المقدستين في المكان الأعلى والموطن الأسمى، بلاد في ظلال الشرع واقعة وفي رياض الأمن راكعة ولأطراف المجد جامعة مهبط الوحي ومأرز الإيمان وحرم الإسلام، فيها الكعبة المعظمة والمشاعر المقدسة، وفيها مسجد نبينا وسيدنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم وبه الروضة المشرفة، حفظ أمنها واجب معظم وصون أرضها فرض محتم.

وأفاد الشيخ صلاح البدير، أنه ببركة كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وببركة تطبيق الشريعة، أضحت المملكة مضرب مثل في أمنها ووحدة صفها وانتظام شملها واجتماع كلمتها وتلاحم قيادتها وشعبها.

وذكر الشيخ البدير، أن قلوبنا تعتصر ألما مما نراه من أحداث واضطرابات وصدمات ومواجهات في عالمنا الإسلامي.


وسوسة الشيطان

وفي مكة المكرمة، أوضح إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور أسامة بن عبدالله خياط في خطبة الجمعة أمس، أن ديدن اللبيب الواعي وشأن الأليب اليقظ، كمال الحذر من كيد العدو وأخذ الحذر لاتقاء مكره ودرء خطره.

وبين أن السعي للتحريش الذي يقوم به الشيطان بين المؤمنين باقٍ لم يتطرق إليه يأس ولذا فهو يعمل له ويدأب فيه ويتوسل إليه بإعمال الحيلة لإصغاء بعض أبناء الأمة على بعضهم بعض بإثارة عوامل النزاع وإهاجة أسباب التناحر بطرائق ومسالك يزينها ويظهرها في صورة مصالح ومنافع تبدو خلابة للعقول آخذة بمجامع النفوس ويستعين على بلوغ ما يريد بمن رضي باتباع خطواته والانضواء تحت لوائه والاستجابة لوسوسته.

وأشار إلى أن الشيطان يزين وساوسه ويحسنها بالوعود والأماني الكاذبة التي اتخذت لها في أعقاب الزمن صورا لا يحيط بها الحصر ولا يستوعبها العد حتى صار لها اليوم من أجهزة الإعلام الحديثة وشبكات المعلومات العالمية بما فيها من قنوات ومواقع وما تتيحه من قدرات ووسائل صار لها ساحة لا حدود لها وميدانا لنشر دعوات والترويج لاتجاهات والحث على مسيرات وما يسمى تظاهرات واعتصامات يستيقن كل عاقل مخلصٍ لله ناصح لعباده محب لهم عظيم الشفقة عليهم مريد الخير بهم أنها باب شر عاجل وبعث فتنة نائمة وسبيل فرقة مائجة وطريق فوضى عارمة وتعطيل مصالح لازمة وعبث بأمن راسخ لا غنى عنه ولا بديل فإن شأن الفتنة أن ضررها يعم ولا يخص وأن من استشرف لها استشرفته.


ائتلاف القلوب

وأكد أن كل من أوتي الحكمة ورزق حظا وافرا من ذكاء الحس وكمال الوعي وسداد الرأي ونظر في العواقب واتقى الفتن ووازن بين المصالح المتوهمة الظنية والمفاسد المحققة القطعية لن يكون أبدا إلا مجانبا لهذا النكر رافضا هذا الفكر معرضا عن هذا الطرح سباقا إلى الدعوة إلى ائتلاف القلوب واجتماعها ونبذ أسباب الفرقة والحذر من كل سبيل يفضي إليها أو يعين عليها باذلا وسعه في البيان والنصح صارفا همته إلى التحذير وفي تضافر جهده وجهد كل الحكماء والعقلاء ما يسدد الله به الخطى ويبارك به السعي وتحفظ به الحوزة وتطفأ به الفتنة وتحسن به العاقبة.

وأوضح الشيخ أسامة خياط، أن الله عز وجل منَّ على عباده بنعم كثيرة لا تعد ولا تحصى، ومن تلك النعم نعمتا الشبع والأمن وأن هاتين النعمتين الجليلتين هما الغاية القصوى للحياة على ظهر الأرض.


فتن وغوغائية

في المقابل، حذر أئمة وخطباء الجوامع بالعاصمة المقدسة في خطبتي الجمعة أمس من الوقوع في الفتن والمظاهرات التي تؤدي إلى الغوغائية، وإشاعة الفوضى، مشددين في سياق حديثهم على أهمية احترام ما صدر في بيان هيئة كبار العلماء بالمملكة بتحريم المظاهرات والخروج على ولاة الأمر، ومؤكدين على ذلك بالأدلة القطعية الواضحة والصريحة فيما جاء في الكتاب والسنة. وشددوا في خطبهم على أهمية وضرورة طاعة ولاة الأمر واحترام الأنظمة، وتقديم النصيحة من خلال القنوات الشرعية.

وأوضح إمام وخطيب جامع فقيه بالعزيزية بمكة المكرمة الدكتور أحمد بن نافع المورعي أن الأمن نعمة من الله تسهم في الاستقرار من كافة جوانبه الاجتماعي، والاقتصادي، والنفسي وأنه بالأمن تحدث السكينة، مستشهداً بالآيات والأحاديث الشريفة الدالة على ذلك.

فيما بين إمام وخطيب جامع التوحيد بإسكان الملك فهد عادل بصفر أن الأمن مطلب وضرورة من الضروريات الخمس التي كفلها الدين الإسلامي، مؤكداً على ضرورة حفظ الأمن في هذا البلد الذي احتضن الحرمين الشريفين.