فضلت مجموعة من الفتيات السعوديات امتهان أعمال غير تقليدية، كالقطاع الصناعي الذي ظن كثير أنه حكر على الرجال؛ فانخرطن في العمل من خلال أحد مصانع الحلويات والأغذية الخاصة بالدمام.

المصنع الذي يقع بالقرب من أحد الأحياء في أطراف مدينة الدمام على طريق مطار الملك فهد الدولي, زارته "الوطن" لتتعرف على هذه التجربة النسائية, حيث أطلعتها المشرفة على القسم النسائي بالمصنع سميرة باخشوين على القسم الذي يقع في جانب منفصل تماماً وبعيدا عن الجانب الرئيسي للمصنع، لتوفير الخصوصية للموظفات اللواتي يبلغ عددهن أكثر من 12 موظفة.

يضم الموقع عدة طاولات مختلفة في الحجم والطول، وتقف عندها موظفتان أو ثلاث موظفات، ومن ثم يمتد المكان إلى الداخل الذي يوجد فيه جزء منفصل آخر توجد فيه الأفران الكبيرة ، ويقع مكتب باخشوين في الأمام لكونها المشرفة الإدارية على القسم، وعند كل جزء من المكان تختص كل موظفة بجانب معين، فمنهن من تعمل على صنع الحلويات المغربية، وأخرى على صناعة حلوى من الشوكولاته، والبعض الآخر يعملن على صناعة ساندويتشات، وبعضهن يعملن على الآلات والأفران الخاصة بالطبخ.

وتحدثت باخشوين عن تجربتهن، حيث ذكرت أنها تركت العمل في قطاع التعليم الذي قضت فيه 11 عاما، ومن ثم اتجهت للعمل الإداري في هذا المصنع، وقالت إن أسرتها استغربت في بداية الأمر الفكرة، ولكن يوماً بعد يوم أصبحت الفكرة أكثر قبولاُ.

وأضافت أن القسم النسائي لا يزال في بداياته الأولى، حيث بدأ العمل فيه منذ 25 ديسمبر 2010, وتضيف أن عملية اختيار الفريق النسائي للمصنع كانت تعتمد على ميول المتقدمات لفن الطبخ, حيث تم اختيار مجموعة من الفتيات أجريت لهن عملية تدريب متخصصة لمدة ثلاثة أشهر ، وتم خلالها ترشيح الفتيات للعمل في المصنع.

وعن تطور تجربة الفتيات في العمل قالت باخشوين "في بداية المطاف كان عمل الفتيات يقتصر على خط إنتاج واحد، ومن ثم تنوعت خطوط الإنتاج واختلفت، واتسعت بعدما استطعن إثبات جدارتهن في تحقيق الأهداف اليومية المطلوبة، من خلال إعداد كم معين من الإنتاج.

وأضافت أن المطلوب من كل فتاة إنتاج 38 كيلو من الحلوى في اليوم الواحد، ولكن بعضهن يتجاوزن هذا الرقم، حيث يتجاوز بعضهن الكميات المحددة بأضعاف مضاعفة؛ مشيرة إلى أن ساعات العمل لديهن مقسمة إلى فترتين، فبعضهن يعملن منذ السابعة أو التاسعة صباحاً، ويستمر حتى الرابعة عصراً.

وأبدت باخشوين سعادتها من رد فعل المجتمع الإيجابي لهن كنساء يعملن في جهة صناعية، وذلك حينما شاركن في ملتقيات اجتماعية ومعارض أسرية نسائية, حيث كان ما لمسنه من انطباعات إيجابية عنهن بمثابة الحافز المعنوي الكبير الذي أمدهن بالطاقة العالية، والشعور بالثقة.

وأوضحت باخشوين أن خطوط الإنتاج مستقبلاً ستزداد حيث يقومون بالتوريد لأربعة مخابز في الدمام، ومخبزين في الإحساء، ومخبزين في المدينة المنورة، إضافة إلى خدمة عدد من المقاهي المختلفة وشركة الخطوط العربية السعودية للطيران.

الموظفة منى علي الهادي تعمل على خط إنتاج الحلوى المغربية، وكانت تعمل بالسابق في شركة خاصة بالتموين، قالت إنها تجيد مهارة الطبخ منذ سنوات، حيث كانت تصنع الحلويات في منزلها، وإن عملها في المصنع أكسبها بعض القدرات الجديدة في مهارة الطبخ، وبيّنت منى مدى حبها وعشقها لعملها، وقالت باللهجة العامية "حبي كل شيء تجيبي كل شيء".

وتحدثت شمس السبيعي التي تعمل بقسم إنتاج الملفوف، التي كانت تعمل سابقا في مجال تصنيع حلويات بأحد المصانع, حيث قالت إنها استطاعت حتى الآن تحقيق ذاتها من خلال العمل في هذا القطاع الجديد على الفتاة السعودية، وإنها تطمح في الالتحاق بدورات خاصة بالطبخ خارج المملكة.

أما أمل المغربي التي تعتبر قائدة فريق العمل، التي كانت تعمل كمحاسبة في مركز نسائي، وتمارس هواية الطبخ منذ فترة طويلة, قالت إنها تستمتع بأداء مثل هذا العمل، مشيرة إلى أنها في بداية عملها كانت تواجه ضغوطات، ولكنها استطاعت اجتيازها بعدما حققت نتائج مرضية وناجحة.

وقالت إن كثيرا كانوا يتعجبون من عمل الفتاة في الصناعة، ولكن الآن قد تغيرت هذه النظرة، وترى أن كثيرا من الفتيات لديهن حاليا الحماس للالتحاق بهذا المجال.