اشتهر عن نواف القديمي أنه صحفي يبحث في أصول ونقد الحركات الإسلامية عموماً، وخلفياتها على وجه الخصوص، مما جعله في بؤرة "النقد المستمر"، كان آخرها وصفه "بمناوءة الخطاب الشرعي". كتب القديمي عن العلاقات المعقدة بين "التنوير، والإصلاح، والصحوة"، في فترات تاريخية سابقة حسب ما يطلق عليه بـ "الإسلامي العصراني أو الرجل التنويري"،حينما كان يخط مداد معلوماته في صحيفة الشرق الأوسط.

ووفقا لمصادر فإن ملامح التيار التنويري كانت تطالب بمراجعة التراث وتجديد الخطاب الديني وإعادة قراءة الفلسفة وأسلمتها وإشكالات النهضة والتنمية، وكانت بداية المناداة تنصب على نقد الآراء التقليدية التي تتضاد مع ملكة الاجتهاد المفتوحة، وزادت وتيرة هذا النداء بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر ليطرح التيار التنويري نفسه كتيار ناقد لتيارات العنف والتطرف ومسبباته برؤية إسلامية.

وما يشير إليه أصدقاء الصحفي السعودي، أنه صاحب ثقافة عميقة في الدلالات السياسية للإسلاميين، وما يميزه عن غيره دقة المعلومات التي يقولها، فهو لا يتحدث من خلف الشاشة من العاصمة الرياض، بل يكتب بعد جلوسه مع أصحاب الشأن أينما كانوا مصطحباً معه لغة الأرقام والتواريخ الدقيقة.

في يونيو من مثل هذا الشهر وتحديداً في اليوم الرابع عشر ولد نواف بالرياض، حيث ترجع أسرته إلى فرع "المقدام" من قبيلة بني خالد، وتنتشر أسر هذا الفرع في عدد من قرى سدير وثادق والمحمل والعارض بوسط نجد، وفي عام 2000 تخرج من شعبة الصحافة بقسم إعلام جامعة الملك سعود.

بعد ربيع الثورات العربية التي بدأت شرارتها من "تونس"، لتشمل مصر وليبيا وسورية واليمن ، دخل نواف في خط جديد في مهمته، التي يمكن وضعها في خانة "صحافة الاستقصاء لما بعد الثورات"، فكتب يوميات صحفية إبان الثورة المصرية من ساحة ثورة 25 يناير بميدان تحرير "قاهرة المعز"،قبل سقوط الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، ولم يخرج منها. ابتعد نواف عن الالتزام المهني للعمل داخل إطارات المؤسسات الصحافية و الإعلامية المحلية، التي ربما تقيد حرية الحركة والكتابة، فوظف صفحات التواصل الاجتماعي "الفيس بوك"، منفذاً لكتاباته التوثيقية الصحافية، فأجبر كبرى الوكالات الإخبارية العربية على نشر توثيقاته. ففي تونس الخضراء أو ثورة البوعزيزي كما يحب العرب أن يقولون، زار القديمي تونس ولكن ما بعد الثورة، بل وقدم تفاصيل معلوماتية أخفقت في كشفها كبريات وكالات الأنباء العالمية، تتمثل في السبب الذي دفع الأسرة الصغيرة لمحمد البوعزيزي (والدته وإخوته الصغار)،إلى مغادرة سيدي بوزيد، حيث يروي كثير كيف كانت أسرته وأمه تحديداً تتعامل مع القضية بعد انتهاء الثورة، وبدء توافد وسائل الإعلام الدولية، والاهتمام الكبير بقصة البوعزيزي.

وراوياً – وفقاً شهود عيان تحدث معهم- أن الأسرة لم تتعامل مع قصة ابنهم بالاحترام اللازم، بل قامت بما يشبه "المتاجرة بها"، فمن ناحية كانت الأسرة تطلب مبالغ مالية كبيرة من أي جهة إعلامية تريد لقاء العائلة وتصويرها، ومن ناحية أخرى بدأت العائلة تتعامل بتعال واضح مع أهالي سيدي بوزيد، بل وقامت عبر علاقاتها الناشئة مع المسؤولين بعد الثورة، بالتعدي على بعض السكان، كقيام والدة محمد باللجوء إلى أحد المسؤولين لسجن ابن أخيها، الذي كان من أكبر الناشطين في الاحتجاجات منذ بدايتها، لأسباب تعود إلى طبيعة التعامل مع القضية.

بأسلوب مهني سرد القديمي تفاصيل رحلته الدقيقة، عنونها بـ"الطريق إلى سيدي بوزيد.. أرض السابقين الأولين في الثورة"، معلومات جديدة لم تتناولها أيضاً وسائل الإعلام واستند في ذلك وفقاً لشهود عيان أن محمد البوعزيزي لم يكن جامعياً، بل انقطع عن الدراسة دون أن يكمل السنة الأخيرة للثانوية،واسمه الحقيقي في الأوراق الرسمية "طارق"، ومحمد هو اسم الشهرة.

وفي تفاصيل أخرى يروي القديمي أن البوعزيزي حين سكب على جسده البنزين أمام مقر الولاية لم يكن ينوي إحراق نفسه، وإنما فعل ذلك بنية تهديد المسؤولين، ولكنه عندما أشعل النار في ولاعة كانت معه ليتفاجأ بانتقال اللهب إلى جسده المشبع بالبنزين بشكل سريع.ومعلومة أخرى قال نواف بأن عربة البوعزيزي التي صودرت منه من قبل البلدية لم تكن ملكاً له، ولكنها كانت ملكاً لشخص آخر اعتاد على أن يستعيرها، ولما أحرق نفسه وبدأت الاحتجاجات اشترتها أسرته من صاحبها.