في مشهد من أحد المسلسلات الأمريكية، قتل أحد المعتدى عليهم، من اعتدى عليه وعلى حبيبته رميا بالرصاص، ولم يكن رصاصا «وبس»، بل إنه أفرغ طلقات المسدس كاملة في جوف عدوه. بعدها انطوى القاتل على نفسه، ولم يعد يكلم أحدا بمن فيهم حبيبته «أم المصايب»، وبعد محاولات من أصدقائه بالفريق لإقناعه بأنه ليس أول أو آخر قاتل، وأنه ربما أراح المقتول من «طلبات البيت» على سبيل المثال، وهذا سبب يجعل المقتول يدعو له وليس عليه، وحاولوا أن يقنعوه أنه لم يقتله إلا دفاعا عن حياته وحياة زملائه، وكانوا يذكرونه بأن هذا المقتول «ياما ربطك بحلقك» محاولا قتلك، فـ«هونها تهون».

صاحبنا القاتل «ركب رأسه»، معتقدا أنه لا حل لهذه العقدة إلا أن ينتحر، ليقابل المقتول ويعتذر له في الحياة الأخرى عما فعله به في الحياة الدنيا، وكان على وشك التنفيذ، ولم تنفع معه أية إقناعات أو استشارات حتى من أعلى الفريق شهادات وخبرات بمن فيهم من هو بمرتبة استشاري، ولم يستمع صاحبنا لاستشاراته. وبالمصادفة مر عليهم «ضابط» كان في الحرس الجمهوري لدولته، وحينما علم بموضوع هذا «المنطوي على نفسه»، ذهب له وجلس بقربه، ورغم أن صاحبنا القاتل واضع في «أذن طين والأخرى عجين»، إلا أن هذا الضابط قال له جملة مختصرة حتى «دون سلام» (اعلم أنك لست وحدك).

وهم الضابط بالمغادرة، إلا أن هذا القاتل أمسك بيد الضابط، وعينيه يملؤهما الدمع وقال بنبرة تخالطها «حشرجة العبرات» (ماذا تقصد؟)، فرد عليه الضابط أنه قبل أن ينضم لهذا الفريق، وحينما كان ضابطا، تم تكليفه بإعدام أحد المذنبين حسب قوانين تلك الدولة، وقام بتنفيذ الإعدام، ورغم أنه يعتقد أن من تم إعدامه «يستاهل ماجاه» إلا أنه قال (صورته لا تفارقني ليلا واحدا)، وكأن شيئا ما يجثم بركبتيه على صدري كل ليلة ليحرمني لذة النوم ويذكرني بما قمت به من قتل، وبعدها سقط الطين والعجين من أذني القاتل الأول لصدق الكلمات التي نبعت من القاتل الأخير وعدل عن الانتحار و.....و..... انتهى المشهد.


السؤال هنا: لماذا يتعمد المعالجون النفسيون للتخلص من الإدمان، من جمع المدمنين مع بعضهم، وعقد حلقة أشبه

بـ «سمعنا تاريخك الأسود»، وتجد كل منهم «يفضفض ويتنهد ويبكي ويضحك»، ويعبر عن كل ما يجول بخاطره، وكأنه لوحده، والسبب بسيط، أنه ليس بينهم أحد يقول «أنا اللي يصلون على طرف ثوبي»، بل جميعهم معترفون بأنهم أخطؤوا وأن هناك حلا لكل خطأ، فتجد كلا منهم يستمع لكلمات زميله في الجلسة ويهتم لها أكثر من اهتمامه بكلمات المعالج النفسي، رغم أن المعالج «دارسها دراسة تفصيلية».

بوضوح: حينما نشعر بأننا نريد أن نغير سلوك أحد ما، وحاولنا عوضا عن المرة «ألف مرة» وكأننا كل يوم «نريد أن نفرغ البحر بملعقة شوكة»، فلا الشوكة تحمل شيئا من البحر، ولا شيء من البحر ينقص، وفي النهاية نعجز عن مساعدته، فهل هذا يعني أنه لا يشعر بأننا نعاني ما يعانيه، فلماذا لا نبحث عن الأخطاء التي كنا نقوم بها، وقد تتشابه مع أخطاء من نريد أن نغير سلوكه، ونبدأ معه حينها بجملة قد تجعل أذنه قابلة لسمع ما نقوله أسوة بالضابط والقاتل، ونبدأ معه قولا صادقا بقولنا: (اعلم أنك لست وحدك).