بحسب بيانات المنظمة العالمية للاتصالات المحمولة GSMA، فإن ما يقرب من 750 مليون شخص في أنحاء العالم لا يملكون تغطية من شبكة الهاتف المحمول! في حين أن 3.5 مليارات شخص لا يمكنهم الوصول إلى الإنترنت، وتعيش أغلبية هؤلاء الناس في مناطق نائية لا تتوفر لها سوى فرص محدودة للوصول إلى الشبكات والكهرباء.

في السعودية يعيش قرابة 82% من السكان في مناطق حضرية ومدن رئيسة، حيث يستمتع المقيمون فيها بخدمات إلكترونية رائعة مقدمة من جهات حكومية وشركات خاصة. فتجديد الوثائق الرسمية إلكترونيا، والتقاضي عن بعد، هما نموذجان لخدمات حكومية متقدمة. وتتبع مركبة ابنك أو سائقك الخاص وطلب المستلزمات عن طريق جوالك هما أيضا رفاهية يستطيعها سكان المدن الرئيسية. لكن لا يكاد يعلم الأغلبية أن قرابة 18% من سكان المملكة يعيشون في مناطق نائية نصفهم لا يستطيع الوصول لأي خدمة معتمدة على الإنترنت، وما تزال تعيش كما كنا قبل دخول الإنترنت بالمملكة، قبل أكثر من 22 سنة.

يقارب عدد ساكني القرى والمناطق النائية في المملكة الذين لا يملكون وصولا لإنترنت معقول 3 ملايين شخص. ينقسمون ما بين 1 مليون لا يملكون وصولا مطلقا وبين 2 مليون يملكون وصولا لشبكة الجيل الثاني فأقل فقط.. أي أن السرعة المقدمة لهم لا تمكنهم من استخدام تطبيق مثل أبشر فضلا عن غيره.


حين تتحدث وزارة التعليم عن منصة مدرستي المعتادة على الإنترنت فهي تعلم أنه ليس الكل يستطيع الوصول لها، ولذا وفرت قنوات عين التي تبث عن طريق القنوات الفضائية، لكن من عايش تجربة التعليم عن بعد عن طريق منصة مدرستي يعرف أن هناك فاقدا تعليميا عند مقارنتها بالفصول الدراسية العادية قبل الأزمة، ولا شك أن هذا الفاقد يزيد حين تغيب منصة مدرستي لعدم وجود الإنترنت، ويحضر بحث فضائي من اتجاه واحد لا يمكن للطالب التفاعل معه. هذا إذا افترضنا أن جميع من لا يصلهم الإنترنت سيستخدمون البث الفضائي.

وقد عملت هيئة ووزارة الاتصالات وتقنية المعلومات على هذا، وكان لهم إنجاز عظيم يتمثل في مشروع إنترنت النطاق العريض للمناطق النائية، الذي يهدف إلى تقديم سرعة تتجاوز 10 ميجابت بالثانية، وقام أيضا بتغطية أكثر من 17 ألف قرية وهجرة.

لكن تحتاج المملكة إلى الإسراع في خططها وبرامجها لتغطية المناطق النائية، وتقديم الدعم اللازم لمزودي الخدمة للإسراع في ذلك، والعمل بوسائل غير تقليدية، والاعتماد على التقنيات المبتكرة في هذا المجال، كالألياف الضوئية المحمولة على الأبراج بدل الحفر، أو أبراج الهاتف المحول المعتمدة على الطاقة الشمسية، والتي تعد مثالا لما تم استخدامه لإيصال الإنترنت إلى مناطق نائية في دول مثل نيجيريا والنيجر والمكسيك وغيرها.

ولدي محمد يدرس بالصف الأول الابتدائي هذا العام، لا أجدني أستطيع أن أبرر له أن طفلا سعوديا آخر في سنه، لا يمكنه الوصول إلى التعليم لأنه يسكن قرية، ولأن العالم يعيش أزمة صحية.

ما حققته السعودية في إتاحة الوصول للإنترنت يعتبر إنجازا عظيما، لكن ما يبدو إنجازا عظيما بالأمس، هو واقع غير مقبول اليوم، حين يُحرم طفل في سن محمد من تعلم القراءة والوصول للمعرفة.