والحقيقة أن الدولة تبذل كل جهودها لرعاية هذه الفئة واحتضانها وتمكينها من الحياة الكريمة ومحاولة تعويض هؤلاء الأطفال عما فقدوه.
وفي هذا السياق أدعو لإعادة قراءة المشهد من زاوية أخرى تتعلق بالفتاوى الفقهية التي ترتكز عليها كثير من القوانين الخاصة بهذه الفئة، والتي أجزم بأنها لم تراجع من عشرات السنين رغم سعة التشريع الإسلامي ومراعاته الشديدة لكل ما يمس حياة الإنسان بشكل مباشر.
ونظرًا لحساسية هذه المسألة فالقوانين فيها غالبًا ليست مفصلة وجزء كبير متروك للاجتهادات.
ونذكر على سبيل المثال لا الحصر مسألة عدم إلحاق الطفل بـ اسم الأب الذي يتبناه وهي مشكلة تحرج الطفل وتقلق الأسرة رغم أن الآراء الفقهية بشأنها متعددة.
وكذلك ما يتعلق باشتراط إرضاع الطفل حتى تستمر الأسرة في احتضانه بعد بلوغه وهذه مسألة اجتهادية بحتة.
كما يجدر بنا النظر فقهيًّا في مسائل إثبات النسب للأب البيولوجي اعتمادًا على تحليل الحمض النووي في حال عدم ثبوت الزواج وتمكين الأم من رفع قضية لإثبات نسب طفلها إذا كانت تعرف الأب.
هناك أيضًا مسألة الإجهاض خلال الشهر الأول في حال تعرض الفتاة للاعتداء أو تعذر إثبات النسب.
كما نذكر أيضًا عدم وجود جهة مختصة تتعامل مع الأم لتقديم الرعاية الصحية والدعم النفسي أثناء الحمل.
في الحقيقة إن هذا الملف فيه الكثير من التفاصيل التي يتضرر بسببها الأطفال، كما أن الأم تترك في معاناتها وحيدة بلا دعم نفسي أو صحي أو قانوني، ويهرب الأب من مسؤوليته تحت غطاء التقاليد والفراغ القانوني.
إن إعادة النظر في فتاوى شرعية متعلقة بهذا الشأن وإجراء التعديلات القانونية المترتبة وتخصيص مسار قانوني واجتماعي وصحي لمتابعة الحالة منذ بداية الحمل، ووضع لوائح وأنظمة واضحة في هذا الشأن سوف يقلل بالتأكيد من وجود هذه الفئة، ويضع الجميع أمام مسؤولياتهم ويغير مصير الطفل البريء ويمنحه اسمًا وجذورًا ومنزلًا وروحًا مطمئنة.