ولا غبار على ما يخص الجمعيات المنشأة حديثا والمتوافقة مع هذه التعديلات، المشكلة في الجمعيات التي أنشئت قبل سنوات، أو بالمختصر ما يمكن وصفها بـ«بتاع كله»، التي هي عبارة عن علاقات عامة لمجلس الإدارة بالداعمين «وبس»، فيكون مجلس الإدارة هو المسير للجمعية بهذا الدعم وبمعزل عن النظام ودون تسجيل لبرامجها أو نيلها الموافقات اللازمة من جهات الإشراف الفني أو الإداري والمالي، وكأن لسان حال مجلس الإدارة يقول «اللي ما عندوش ما يلزموش»، وما دام لدينا رصيد في حساب الجمعية وتمتلك أصولا ثابتة ومتحركة، فلا حاجة لنا بالخارج. وينتج عن ذلك ما ينتج من فساد مالي وإداري، وما يلحق بذلك من تسهيل غسيل الأموال لحسابات الداعمين، ومجلس الإدارة يغض الطرف إما جهلا أو تجاهلا، ولذلك يشترط ألا يضاف عضو للمجلس إلا وسجله خال من الملاحظات بعد المسح الأمني عنه من قبل رئاسة أمن الدولة.
ولكن ما أغفل هم أعضاء الجمعية العمومية لتلك الجمعية، وهم باختصار أعلى سلطة في نظام الجمعيات، ويوصفون في القطاع الربحي بأنهم ملاك المنشأة، ومجلس الإدارة يخرج منهم، وعليه فالحل والربط لكل ما يخص تلك الجمعية هو في أيديهم، أي أنهم يستطيعون حتى تنحية رئيس مجلس الإدارة وبيع أصول تلك الجمعية وجميع الصلاحيات المتبقية، ولكن المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي قد يكون أغفل حوكمة هذا الأمر، فإن تواصل أحدكم مع أعضاء الجمعية العمومية لجمعية ما، سيجد أن هناك نسبة قادرة على قلب نتائج التصويت، كل ما تفعله هو التوقيع على محاضر الاجتماعات والسلام، وقد تجد بعضهم لا يعرف حتى مقر الجمعية، جل ما يعرفه توقيع محضر الاجتماع السنوي ولا يعرف ما ينتج عن ذلك، وإن تعرض للعقاب أو المساءلة فأبسط ما قد يرد به: «وكيف لك أن تساءلني عما لم أقم بالإقرار به والتعهد باطلاعي على جميع تفاصيله وما هي حدود مسؤولياتي عنه».
ما أريد قوله إن حوكمة الجمعيات العمومية للجمعيات الأهلية يجب أن يلازم العضو نفسه حتى بعد خروجه من الجمعية ما دام ما وقع من مخالفة كان أثناء عضويته، وبمشاركته التوقيع عليه، وأن بنود وحدود تلك الحوكمة والإقرار بالاطلاع عليها والقبول بها، يكون عن طريق التوثيق الإلكتروني عبر بوابة نفاذ، حتى يعي ما هي حدود المخاطرة بأن تكون عضوا لجمعية عمومية وينتهي زمن أن «المالك لا يعرف أنه يملك».