أشار نقاد ومسرحيون إلى أهمية الإضافة التي حققتها مصممتا ديكور مسرحية "محاكمة السيد" التي عرضت أول من أمس في فرع الجمعية السعودية للثقافة والفنون في الأحساء ضمن مهرجان  "ليالي هجر" المسرحي للشباب.

وأكد هؤلاء النقاد والمسرحيون أن المصممتين استطاعتا توظيف الديكور بشكل جيد داخل أحداث المسرحية، وذلك من خلال نشر "كراتين" على شكل أرفف وجدران في جميع أركان وزوايا المسرح لحفظ ملفات القضايا، في دلالة واضحة على تأخر البت في القضايا داخل بعض المحاكم، واصفين تلك الـ"كراتين" بسر الطبخة في المسرحية -على حد تعبيرهم -.

وأبان المخرج المسرحي السعودي راشد الورثان في الجلسة النقدية التي تلت العرض، أن المصممتين السعوديتين زهرة بوخمسين، وسكينة بوخمسين، نجحتا بتفوق كبير في الاحتفاظ بسر هذه "الكراتين" إلى النهاية، إذ إن كثير من القضايا في المحاكم لا تزال "عالقة" في أرفف وأدراج المحاكم دون حل، مؤكدا أن الديكور بجمالياته كاد أن يسقط بـ"الكراتين"، وسط استغراب المشاهدين من اختيار "الكراتين"، ووضعها بتصميم يوحي لشكل "محكمة"، قبل أن تكون تلك الكراتين هي المفصل الحقيقي للمسرحية، وذلك عندما جرى سحب كرتون من الكراتين، ووضعوا فيه ملف القضية، وأعادوه إلى موقعه، بغرض التأجيل دون المحاكمة، مضيفا أن ديكور "الكراتين"، هي قراءة أخرى للنص، إذ لم يكن مكتوبا في النص الأساسي، وهي قراءة جميلة للفكرة.

وشدد الورثان في الجلسة النقدية التي أدارها الإعلامي محمد الرويشد، على جميع القراءات النقدية لعروض المهرجان، مراعاة التجارب الأولى لهؤلاء الشباب في المسرح خلال نقدهم للعروض، مع التأكيد على احتضان هؤلاء الشباب الجدد على خشبة المسرح ودعمهم، علاوة على وجوب تقبل الممثلين والمخرجين النقاشات التي تهدف لدعم العروض بكل أوجهه، لافتا إلى أن نجاح المسرحيين المبتدئين يتم من خلال الندوات التطبيقية المفتوحة للنقاش.



حاجز وهمي



وأوضح أن عرض "محاكمة السيد" بدأ منذ لحظة دخول الجمهور للمسرح، إذ كان فيه هناك كسر للحاجز الوهمي عند المتلقي من بدايته، وذلك بربط الجمهور مع الحكاية من خلال توزيع البطاقات والصور قبل بداية العرض، رغم تأخره بـعشر دقائق عن الوقت المحدد، ومع الدخول للقاعة، انطلقت المؤثرات الموسيقية، مضيفا أن العرض يدخل في المدرسة "البرختية" وهي مدرسة لا تعتمد على أن الممثل يعيش الشخصية ويتقمصها بكل حذافيرها، ولا تقبل التقمص والمعايشة بما فيها الاكسسوارات، والاستعانة بالملابس للإيهام للشخصية وليس لتقمصها، بيد أن المخرج اختفت عنه بعض النقاط الأساسية في هذه المدرسة، مستشهدا في ذلك ببداية جس نبض من أول ممثل على خشبة المسرح وهو المدعي العام، إذ كان مرتبكا قليلا، وربط الارتباك بالحدث نفسه، وفي هذا المشهد لم يدخل فعليا في مدرسة "البرختية"، بسبب الربط بين الارتباك والحدث، وكذلك كسر الحاجز الوهمي بتنقل المذيع الخاص بالقناة الإعلامية التي تنقل الحدث في أكثر من موقع في القاعة، موضحا أن "البرختية"، لا تكسر الحاجز بهذه الطريقة بل من خلال تقريب العرض من الداخل من خلال أداء الممثل، بيد أنها تحسب محاولة إيجابية للمخرج استطاع فيها ربط القاعة والجمهور بالحدث.

وأبان الورثان أن الإيقاع عندما يعود إلى المحكمة يهبط وعند الانتقال إلى مواقع أخرى يبدأ في الارتفاع، مشيرا إلى أن "البرختية" تتيح استبدال الملابس وتقمص الشخصيات أثناء العرض وأمام الجمهور لأن ذلك أكثر راحة لهم بدلا من مغادرة خشبة المسرح والعودة إليها مرة أخرى، مضيفا أن الملابس والاكسسوارات، كانت تنم على المسرح الواقعي، لافتا إلى أن المخرج أجاد كثيرا في مشاهد التنقلات بالديكور واستخدامها في المستشفى والمنزل وخيال الظل، والخروج من المحكمة التي كانت في صلب الموضوع، وكذلك أجاد في تمكين الممثلين من التحدث باللهجة العامية طبقا لـ "البرختية".

وألمح الورثان إلى أن إطلاق اسم "محمد الجراح" في العرض مرات عدة، يسهم في كسر الحاجز الوهمي والإسهاب في الخيال، مؤكدا أن لكل مخرج رؤية خاصة، موضحا أن كثيرا من النصوص العالمية تجاوزت عشرات ومئات السنوات، وأخرجها عدد كبير من المخرجين، ولكل مخرج رؤية في الإخراج ولكل شخص يقرأها بطريقته الخاصة.



الصالة مسرح



واستهل مدير الأمسية الإعلامي محمد الرويشد الجلسة بالإشارة إلى أن استطلاع رأي الجمهور عن أحداث المسرحية بعد انتهائها مباشرة، أشاروا فيه إلى أن العرض استطاع تحويل الصالة كاملة إلى مسرح وكامل الجمهور أصبح ممثلا، وأن العرض فيه استغلال كبير لزوايا المسرح، بيد أن هناك هفوات في اللغة العربية "الفصحى" لبعض المفردات، وأن الحالة النفسية كانت واضحة وبارزة عند الممثلين، وأن وتيرة الأداء كانت متصاعدة، وأن الجميع عاش أكذوبة في طعم الحقيقة.

وبدوره، أبان مؤلف العرض ياسر الحسن في الجلسة النقدية أنه لم يتدخل في العرض واكتفى فقط بتسليم النص للمخرج، واستمتع بالعرض، مبديا إعجابه بالمخرج "المتمرد".

وذكر مخرج العرض نايف العباد في الجلسة النقدية أن النص يطرح تساؤلات عدة جرى تجسيدها على خشبة المسرح.

وكانت المسرحية، دارت أحداثها "بمحاكمة السيد" وهروبه قبل المحاكمة، فتم إحضار شخص بديل "مزيف" عنه، لتتم محاكمته، وتتولى قناة فضائية نقل المحاكمة على الهواء مباشرة، وبعد صدور الحكم بإعدام السيد، ويعلن أكثر من شخص تورطهم بالجريمة، وأنهم يحملون مسمى السيد.

وجسد أدوارها كل من: إبراهيم الحجاج، وإبراهيم العضب، وأحمد التميمي، وعلي عسيري، ومحمد المحمدي، ومحمد العلي.