هل نحن مخطوفون من حياتنا الواقعية وعائلاتنا وأنفسنا ومشاعرنا الحقيقية؟.

هل فقدنا تقديرنا لذواتنا وأصبحنا مأخوذين بإعجاب الآخرين حتى لو اضطرنا هذا الإعجاب إلى الابتذال والسطحية؟.

هل نشعر حقاً بالأوقات الحقيقية للسعادة أو حتى الحزن؟ أم أننا نُحمِّل أنفسنا عبء توثيقها ونشرها ومشاركتها فقط؟.


والسؤال الأهم: هل نحن حقيقيون أم افتراضيون تم تصنيعنا للاستخدام الجبري الذي لا نملك رفضه أو مقاومته لكل ما في هذه العوالم الافتراضية الممتدة إلى ما لا نهاية؟

إن كنا حقيقيين فهل نملك قرار الاستمرار أو التوقف عن تفقد هواتفنا في السيارة والمكتب وعلى طاولة الطعام بل حتى في دورة المياه؟، وإن كنا أكواداً افتراضية ففي ماذا يتم استخدامنا؟ هل لصالحنا وصالح بلادنا وتاريخنا وثقافتنا أم لضياعنا؟.

بقدر ما وهبتنا التقنية فرصا عظيمة لاختصار الوقت والمسافات في التواصل وإنهاء الأعمال الشخصية أو الوظيفية من بيوتنا، بل وحتى اختيار مشترياتنا وأطعمتنا، بقدر ما ضاعت هذه الوفرة من أوقاتنا في استخدامها. وبقدر ما نزعم أننا نتواصل افتراضياً بقدر ما نتقاطع واقعياً. وبدلاً من أن تكون الأجهزة أدوات في أيدينا، أصبحنا نحن أدوات في أيديها، نغرق فيها ولا نكاد نشعر بما حولنا.

لا خلاف على أن الهاتف ضرورة ملحّة في هذا العصر المتدفق بالمعرفة وما يلحقها من تقنيات، ومن الإنصاف ألا نلقي باللوم على العصر أو على تقنياته بل نلوم أنفسنا ونراقب سلوكنا، فنحن من نصنع التقنية ونحن من يستخدمها ونحن المسؤولون عن ترشيد استخدامها. السلوك هو الذي يحدد ما إذا كانت التقنية ضرراً أم ضرورة.