لم يتبادر إلى ذهن العم محمد بن تميم القحطاني، أن يرى فلاشات الكاميرات، ومحرري الصحف، أمامه، وسط الخيمة التراثية التي لم يتمالك نفسه إلا بالجلوس فيها وسط الأقمشة الشعبية والأواني القديمة، والأجواء التراثية، التي عاصرها في الأربعينات والخمسينات الميلادية، وقد تجاذب الحديث مع من هم في أعمار أحفاده ليروي لهم قصته منذ 1947م عندما عمل بمرتب يومي قدره 3 ريالات فقط، وحتى تقاعده في عام 1986م، فوجدنا روحاً مرحة تسكن جنبات جسده الذي أنهكته العقود الثمان من عمره، ولكنها لم تنل من ذاكرته ومن الأشياء التي يحبها.

يروي العم محمد أن أحد إخوته كان سائقا في أرامكو، يسقي البادية من الماء، لصعوبة نقل الماء وأهميته بالنسبة لهم في ذلك الوقت، كمساهمة اجتماعية تقوم بها الشركة لمن يسكنون بالقرب من مواقعها، مضيفاً أنه عمل في أرامكو قرابة الأربعين عاماً مبتدئاً براتب يومي قدره 3 ريالات، مبدياً افتخاره بما حققه خلال مسيرته العملية حتى تقاعده، مضيفاً أن ما نراه من هذه التراثيات والحرف اليدوية هي رسالة إلى الأجيال القادمة تذكرهم بما كان عليه آباؤهم في الماضي.

ويقول القحطاني إن مهرجان صيف أرامكو السعودية استطاع استيعاب جميع الفئات العمرية في فعالياته المنوعة، وسط أجواء بلغ عدد الجمهور بها خلال الثلاثة الأيام الأولى للمهرجان 28500 زائر، فلا عجب أن رأينا فتاة صغيرة تعدو للحاق بإخوتها الذين سبقوها إلى فعالية خيمة الأطفال، كما لن ترتسم على محيانا أية انطباعات تدل على الدهشة في حال أن خطف انتباهنا ذاك الرجل الطاعن في السن وهو يجر خطاه متنقلاً بين فعاليات المهرجان وكأنه ينقل ذاكرة حافلة بالكثير من الشجن المشوب بأمل يراه يتحقق أمام ناظريه.

ويرى أن الفعاليات استوعبت تنوع الاهتمامات مما ساهم في الإقبال الجماهيري، حيث فعالية العلوم التي استهوت تطلعات هواة التقنية واتساع مداركهم إلى فعالية أخرى للتراث كانت تصدح بكل الألوان الجميلة للفنون الشعبية كانت مثار إعجاب مرتاديها بتنوع فقراتها، كما لم يغفل المهرجان الاهتمامات الرياضية المتزايدة للنشء وخاصة لعبة كرة القدم فتم استقطاب أكاديمية برشلونة العالمية ضمن عدة مدربين يقومون بتدريب المشاركين على المهارات الأساسية لكرة القدم، ولا يخفى الإقبال الذي شهدته الأكاديمية بكثرة مرتاديها طوال فترة الفعالية على خلفية الأهمية والشهرة التي تتمتع بها أكاديمية برشلونة باعتبارها أحد أفضل مدارس كرة القدم في العالم.

وتحدث عن فعالية الفنون المسرحية واصفاً إياها بالمميزة بفقراتها وعروضها مما جعلها من الأكثر متابعة من قبل جمهور المهرجان، وأن موعد عروض الفعالية أصبح يشكل فارقاً، فرغم أن العروض المسرحية التي تقدمها الفعالية تختص بالصغار إلا أن المسرح كان يمتلئ في كل عرض لمتابعة تلك العروض التي تقدمها فرق مسرحية محلية، وكان الصغار يسبقون أهاليهم في الدخول إلى خيمة الفعاليات رغبة في مشاهدة شيقة وجديدة في نفس الوقت.