ينعقد هذه الأيام في العاصمة صنعاء «مؤتمر اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين»، ومثل العادة عند كل مؤتمر يعقده الاتحاد يظهر أدباء وكتاب لا تدري من أين؟ وكيف جاؤوا؟! لكني هذه المرة رأيت قاعة المؤتمر تضيق بهم.

وكان أن استغربت ودهشت لهذا العدد الهائل، حتى إنني سألت حارس مبنى الاتحاد وقلت له: من أين جاء هؤلاء؟ فقال حارس مقر الاتحاد واسمه «عبده حمود»: في صباح يوم المؤتمر «الإثنين» استيقظت على بابور قلاب (سيارة شحن كبيرة) محملة بالأدباء... كان هؤلاء شعراء قصيدة العمود، وبعد أن نقلهم القلاب إلى ساحة مقر الاتحاد، جاء قلاب آخر ونقل شعراء قصيدة التفعيلة، وبعدها وصلت شاحنة كبيرة محملة بشعراء قصيدة النثر فأفرغت حمولتها للتو، بعد ذلك أقبلت سيارة شحن مشحونة بالنقاد وأفرغت حمولتها... ثم تتالت القلابات والشاحنات تحمل كتاب القصة والرواية ومحرري الملاحق الثقافية والأدبية... وفي خلال ساعة كانت ساحة مقر الاتحاد قد غصت وامتلأت بسيل من الأدباء والكتاب.

وكان كل سائق قلاب أو شاحنة يقول لي بعد أن يفرغ حمولته: هؤلاء شعراء الحداثة ويجب أن يبقوا بعيدين عن غيرهم من شعراء العمود. أو يقول لي: حذار يا عبده حمود أن يختلط كتاب القصة القصيرة بكتاب الرواية أو بكتاب المسرح. وقال «عبده حمود» إن أكثر من خمسة قلابات كبيرة وصلت في الصباح الباكر ونقلت الأدباء على عجل وكان أن اختلط الحابل بالنابل، لكن «علي عقلة عرسان» رئيس اتحاد الأدباء والكتاب العرب، الذي كان حاضراً قام بمهمة الفصل والفرز، وراح يفرز كل مجموعة أدبية على حدة. كما فصل بين النقاد وأتباع المدرسة البنيوية وبين النقاد أتباع المدرسة التفكيكية. وفك الاشتباك بين جماعة القصة الحديثة وجماعة ما بعد الحداثة، ووزع الأدباء بحسب الأجناس الأدبية. وذلك حتى لا تختلط الأصوات أثناء عملية التصويت.. وحتى يسهل فرز الأصوات التي حصلت عليها كل مجموعة.

وحقيقة فإن ما حدث في مؤتمر اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين يحدث في كل مؤتمرات اتحادات الأدباء والكتاب العرب، حيث يظهر أدباء لا ناقة لهم في الأدب ولا جمل. يظهرون في المؤتمرات وتنتهي صلاحيتهم بانتهاء المؤتمر.

إنهم أدباء تحت الطلب، ومهمتهم التصويت في الانتخابات لترجيح هذه الكفة أو تلك، ولولا هؤلاء لما بقي «علي عقلة عرسان» رئيسا لاتحاد الأدباء والكتاب العرب.

أبريل 2001