منح الإنترنت فرصة الوصول الميسر للمعلومات ومشاركتها مع الآخرين على نطاق غير مسبوق، وأصبحت المعرفة في متناول الجميع، لكن عالم الإنترنت المفتوح تحول إلى مسرح مكشوف لانتشار المعلومات الخاطئة، وممارسة الخداع والتضليل الإعلامي، وتداول الأخبار المزيفة، نحن نعيش هذه الأيام في حقبة «ما بعد الحقيقة» عندما يتعلق الأمر بالسجالات والحروب الإعلامية في ساحات تويتر حول النزاعات السياسية والصراعات الإقليمية.

ولم يعد النفي والتجاهل نافعا في مواجهة طوفان الأخبار السلبية وتشويه الحقائق، وإنما التعامل الجاد بكل شفافية مع الشائعات والدعاوى الكاذبة وإثبات زيف الإعلام المأجور، والسعي إلى الإقناع عبر الحوار والمكاشفة، وتمكين المستخدمين من الوصول إلى المعلومات بكل يسر وسهولة، والتعاون مع الوسائل الإعلامية والمجتمع لتوضيح الحقائق أمام الرأي العام، والإجابة عن الأسئلة والتعليقات في جلسات الاستماع والمناقشة التي تكون عادة في قاعة مؤتمر صحفي أو على طاولة مستديرة في برنامج تلفزيوني.

ويمكن محاربة التضليل بتنظيم الورش التدريبية للصحفيين في غرف الأخبار والجامعات والمدارس، ونشر التوعية لمواجهة مخاطر انتشار المعلومات المضللة والشائعات، وتعلم الطرق البسيطة للتحقق من الصور المفبركة ومقاطع الفيديو المزورة، والبداية دائما تبدأ بالعودة إلى المصادر الأصلية واكتشاف المزاعم وطريقة التحريف وكيفية نشرها عمدا خارج سياقها.

ويمكن الاستفادة من عملية البحث العكسي عن الصور في محرك جوجل، حيث نقوم بإدراج الصورة في شريط البحث لمعرفة إذا كانت قد ظهرت سابقا عبر الإنترنت، أو النقر بزر الفأرة الأيمن على الصورة، واستخدام خيار «البحث في Google عن الصورة»، وسيقوم بالبحث في قاعدة البيانات لمعرفة ما إذا كانت هناك صور مماثلة في الويب. والصور ومقاطع الفيديو وحدها ليست دليلا موثوقا، نحتاج أيضا إلى التحقق من مدى صحتها والتأكد من معلومات مهمة مثل تاريخ النشر ومصدرها الأصلي، ونحاول البحث عن صور أخرى من نفس الحدث لمقارنتها، والسعي إلى الاتصال بالمصور من أجل تحديد الموقع بدقة، والاستشهاد بتصريحه.

على سبيل المثال، تمت مشاركة مقطع فيديو مع تعليق مرافق يزعم أن سعوديا يهاجم موظفة استقبال بمستشفى في لندن أكثر من 40.000 مرة على Facebook، وقامت بنشره حسابات وهمية قطرية على موقع تويتر، وفي الحقيقة أن الحادثة وقعت بالفعل قبل عام واحد في عيادة بيطرية كويتية، وتمكن صحفي من وكالة فرانس برس من زيارة الموقع للتأكد ومقابلة العاملين في العيادة، ونشر تقرير صحفي لكشف هذا التلفيق المتعمد.

هناك حاجة كبيرة لمدققي الأخبار في المستقبل للعمل مع الوسائل الإعلامية لفضح البروباجاندا المعادية، ولمساندة الشركات الكبيرة التي تتعرض لهجوم من منافسيها بنشر الأخبار الكاذبة للتأثير على سمعتها في السوق.