منذ إعلان وضع خطة لإقرار اللغة الصينية في المنهج السعودي، وصلني عدد من الاستفسارات عن أفضل طريقة لتعلم اللغة الصينية، وعن اللغة الصينية، وعن تجربتي الشخصية في تعلمها، فقررت أن أكتب هذا المقال، وأسرد فيه تجربتي في تعلم اللغة الصينية والدروس التي تعلمتها من هذه التجربة، والتي بدأت فصولها في بداية عام 2014، عندما كنت أخطط وأنا ما زلت على رأس العمل في الشركة السعودية للكهرباء لأن أسافر إلى الصين للدراسة في إحدى جامعاتها.

لذلك قررت أن أبدأ في تعلم اللغة الصينية وأنا ما زلت في السعودية. اشتريت كتبًا واشتركت في أحد مواقع تعلم اللغة الصينية عبر الإنترنت، وتعلمت أول كلمة ” وتعني مرحبا وتنطق «ني هاو» أو «ني خاو».

كنت أشعر بحماس كبير وأنا أتعلمها وأرددها صوتيا، وشعرت أنني أتقنتها، ولكن تبددت فرحتي وخابت آمالي في أول لقاء لي مع صيني وجدته بالصدفة في أحد أسواق التجزئة في جدة، حيث بادرته بقول «ني هاو»، ولكنه لم يلتفت لي.

عدت ورحبت به مرة أخرى بالصينية ولم ينتبه أيضاً، وعندما رحبت به بالإنجليزية انتبه لي، والتفت لي مبتسما، وحينها سألته: أنت صيني؟، قال نعم، قلت له: للتو قلت لك «ني هاو» ولكنك لم تنتبه لي، ضحك وقال: ربما لأنك لم تنطقها بشكل سليم وإلا لكنت فهمتك وانتبهت لك، رددتها مرة أخرى «ني هاو»: هل هكذا صحيح؟، قال لي: لا، وبهذه الطريقة خطأ أيضاً، حينها طلبت منه أن يعلمني طريقة نطقها وعلمني مشكورا، ودعاني لزيارته في المشروع الذي يعمل به في مكة، وأخبرني أنه مستعد أن يعلمني دون مقابل وقت فراغه، وتعلمت أول درس في اللغة الصينية، وهو أنه يجب أن يكون لدي أصدقاء صينيون حتى أتعلم لغتهم بسرعة، ولا يوجد مكان لتكوين صداقات مع الصينيين أفضل من أن تكون داخل الصين، حيث ستوفر على نفسك كثيرًا من الوقت في تعلم اللغة. هذا ما أكده لي أيضاً أحد الطلاب الذين تخرجوا من قسم اللغة الصينية من إحدى الجامعات، فقد تم ابتعاثه للصين من قبل جامعته لدراسة ماجستير اللغة الصينية في إحدى جامعات الصين، وقد أخبرني أن دراسة اللغة الصينية لمدة شهر واحد في الصين أفضل من دراسة اللغة الصينية لمدة سنة كاملة في جامعته السابقة.

إذاً أول قرار يجب أن تتخذه عند رغبتك في دراسة اللغة الصينية هو أن تسافر للصين وتدرس في إحدى جامعاتها الموصى بها من قبل وزارة التعليم، ولأن الصين دولة كبيرة جدا بمساحتها فعليك أن تعي بأن أفضل مكان لدراسة الصينية هي العاصمة بكين ومدن الشمال الشرقي لدولة الصين، لأن شعبها يتحدث بالصينية الفصحى بشكل جيد، ويمكنك ذلك من إتقانها، إنما طقسها البارد جدا في الشتاء الذي يصل إلى 40 درجة مئوية تحت الصفر، هو العائق الكبير الذي جعلني اتجه لمدينة طقسها أفضل في وسط الصين، ولكن عانيت في تعلم اللغة الفصحى، لأن أهلها لا يتقنونها وخاصة الطبقة العاملة في الأسواق والمطاعم والأماكن العامة، ولكن نجحت في تكوين صداقات مع صينيين أصولهم من شمال شرق الصين يدرسون في جامعتي، وساعدني ذلك كثيرا على تجاوز هذا العائق، لذلك ثاني درس من تجرتبي «أن تدرس اللغة الصينية في بكين أو في إحدى جامعات الشمال الشرقي للصين».

الدرس الثالث: في بداية تعلمك اللغة الصينية لا تهدر وقتًا كبيرًا في تعلم كتابة الخنزات الصينية بخط اليد، بل ركز على حفظ الكلمات الجديدة وطريقة نطقها وتعلم كتابتها بالكيبورد الإلكتروني، والكتابة باليد لم نعد نستخدمها في لغتنا الأم العربية لذلك اختصر على نفسك الوقت والجهد وتعلم كتابتها بما يتناسب مع متطلبات العصر الحديث «الكتابة الإلكترونية».

الدرس الرابع: لا تقلق أبدا عندما لا تستطيع أن تفهم الصينيين عندما يتحدثون مع بعضهم بعضاً، لأنهم حينها يتحدثون باللهجة التي ينتمون لها، بينما أنت تعلمت الصينية الفصحى، وستكون بينهم كأنك أجنبي يجيد العربية الفصحى يستمع لاثنين من العرب يتحدثون باللهجة المحلية لبلدهم، أجزم بأنه لن يفهم شيئا لذلك. الدرس الخامس: اللغة الصينية لغة صوتية، لذلك انسَ اللغة العربية والإنجليزية تمامًا عندما تتحدث بها، يجب أن تجعل لسانك يحلق ويطير وإلا لن تنطق الكلمات الصينية بشكل صحيح. الدرس السادس: اللغة الصينية والثقافة الصينية صنوان، كلما فهمت الثقافة الصينية كلما أتقنت لغتها.

الدرس السابع والأخير: لا تتعلم اللغة الصينية إذا لم تكن تستمتع بها وتحبها وترغب في تعلمها، كثيرون ممن أعرفهم كانوا يدرسونها فقط، لأنها من متطلبات القبول في الجامعات الصينية، لذلك فشلوا فشلا كبيرا في تعلمها. لا تكن مثلهم وتضيع وقتك، تعلمها بحب ورغبة أو ارحل.