على امتداد شارع الوزارات وسط العاصمة الرياض يقف مبنى الصندوق العقاري شاهدا على معاناة حقيقية، مكاتب فارهة خلت من المراجعين، وأحكام قضائية نافذة معطلة وصلت خلال العامين الماضيين إلى 60 ألف حكم، لم تجد أفضل من إدراج الصادر والوارد لتقبع فيه دون نتيجة أو تنفيذ للأحكام.

تعامل الصندوق مع الأحكام

تستقبل في كافة فروع الصندوق

تسجل بأرقام وتواريخ تعطى للمراجعين

تحول الأحكام إلى مكتب مختص في الدور الـ8

تظل في الأدراج ولا يصدر أي توجيه بخصوصها


بعد أن كان أكثر جهة حكومية يدلف إليها المواطنون بارتياح على مدى 45 عاما مضت، ويملأه أعداد كبيرة وسط ضجيج مقترضون يحضرون لإنهاء إجراءات قروضهم السكنيّة الحسنة، كأولى خطوات تملك «بيت العمر»، إلا أن مبنى الصندوق العقاري بالرياض تحوّل إلى «أشباح»، خاليا من المرتادين باستثناء موظفيه وبعض «متضرري الصندوق العقاري»، الذين يحضرون على فترات لتسليم الأحكام القضائية للصندوق ومطالبته بتنفيذها، حيث يستقبلها ثم يطبق عليها أدراجه.

من العون إلى الخصم

على امتداد شارع «الوزارات» وسط العاصمة يقف مبنى الصندوق الرئيسي ذو الطوابق الـ10، شاهدا على معاناة حقيقية للعديد من المواطنين، الذين كان الصندوق «عونا» لهم في بناء وتملّك منازلهم طوال 5 عقود مضت، قبل أن يتحوّل مؤخرا إلى «خصم» ضد المواطنين في المحاكم القضائية، على مدى السنتين الماضيتين، قبل أن يخسر القضية المرفوعة ضده من عشرات الآلاف من المتضررين الذين أنصفهم القضاء، وحكم لصالحهم بإلغاء قرار الصندوق تحويلهم للبنوك التجارية والمؤسسات التمويلية، وألزم الصندوق بإقراضهم مبلغ 500 ألف ريال من رأس مال الصندوق بدون فوائد.

المبنى العتيق

«الوطن» زارت مبنى الصندوق الرئيسي للوقوف عن كثب على معاناة المواطنين، وهناك يستقبل الصندوق مراجعيه عبر مدخل خارجي مخصص لخدمة المستفيدين، ويضم «الصادر» و»الوارد» بحيث يستفسر المراجع عن معاملته أو يقوم بتسليمها للموظفين من خلف الزجاج، أما من يريد منهم الدخول لمبنى الصندوق فيُطلب منه إبراز هويته، ويتم تسجيلها في محضر خاص للمراجعين، ويجب أن يحدد الوجهة التي يريد أن يزورها، قبل أن يسمح له بالصعود للمبنى.

الطابق العاشر

خصص الطابق العاشر «الأخير» على مايبدو للموظفين الكبار في الصندوق، حيث يختلف الاهتمام بـ»ديكوره» ومكاتبه الفارهة عن بقية الطوابق، وبمجرد وصول المراجع إليه يستقبله موظفو استقبال، ويطلبون منه إبراز الهوية مرة أخرى، إذا ما أراد المراجع مقابلة المسؤولين كالمشرف العام على الصندوق، الذي قيل لـ»الوطن» إن مكتبه يقع في ذات الطابق، وحاولنا اللقاء به لسؤاله عن قضية المتضررين إلا أن الموظفين أفادوا بعدم تواجده في مكتبه، وذكروا أن لديه اجتماع خارج المبنى.

مسار القضية

حاولت «الوطن» تتبّع معاملات المتضررين، الذين يطالبون بتنفيذ الحكم القضائي الملزم للصندوق بتطبيق نظامه السابق، حيث علمنا أنه يتم استقبال هذه الأحكام في كافة فروع الصندوق في المدن والمحافظات، وتسجل وتظل في الأدراج دون أي توجيه، وذكر بعض المراجعين أثناء حديثهم لـ»الوطن» أنهم تلقوا إجابات متعددة من الموظفين، أثناء ردهم على استفسارات المراجعين بشأن مصير قضيتهم، فالبعض يقول إنه قريبا ستفرج وتنهى معاناتهم، وآخرون يذكرون أنهم ينتظرون توجيها بشأن القضية، والبعض الآخر ألمحوا إلى أن الصندوق ينتظر الدعم المالي من وزارة المالية للصرف، فيما يكتفي آخرون بقولهم «لا نعلم شيئا».

المتحدث لا يتجاوب

فيما تم التواصل مع المتحدث الرسمي للصندوق حمود العصيمي، لطلب تعليقه على الأحكام القضائية التي صدرت مؤخرا، وهل سيلتزم الصندوق بتنفيذها؟ وماهي الآلية في هذا الشأن، إلا أن العصيمي تجاهل الرد على الاستفسارات رغم إعطائه مهلة للرد زادت عن أسبوعين.

إلا أن المشرف العام على الصندوق العقاري خالد العمودي كان قد أكد في تصريحات إعلامية سابقة «أن كل ما يصدر من المحاكم محل اهتمام وتنفيذ للأحكام القضائية».

حالات إنسانية

المواطن علي آل لشعث، مسن في الـ88 من عمره قال إن منزله توقف في مرحلة الـ»عظم» منذ 10 سنوات، ولم يستطع إكمال بنائه، مشيرا إلى أنه بعد أن صدرت الموافقة بإقراضه عام 1435 وبعد إلغاء الصندوق العقاري، لنظامه السابق تم تحويله للبنوك التجارية في برنامج القرض المدعوم، ولكن البنوك جميعها رفضت إقراضه لكبر سنه، فاضطر للتقدم للمحكمة، وحصل على حكم نهائي بإقراضه وفق النظام السابق، ولكن الصندوق العقاري لم ينفذ الحكم حتى اللحظة.

انتظار القرض

المواطنة شوعية عطيف هي الأخرى مسنّة، وتبلغ من العمر 98 عاما ذهب عمرها في انتظار القرض العقاري لبناء منزل يأوي عائلتها، فاضطرت للذهاب للمحاكم وحصلت على حكم قضائي «حصلت الوطن على نسخة منه»، يلزم الصندوق بصرف قرضها لكن الحكم ظل حبيس أدراج الصندوق حتى الآن.

ذوي الاحتياجات الخاصة

يعاني متضررون من ذوي الاحتياجات الخاصة، ومنهم المواطن عبدالله الجهني من ذات الأمر، مشيرا إلى أنه قام بشراء أرض بالدين، واستكمل جميع متطلبات الإقراض لكن الصندوق أخلف وعده في إقراضه، مضيفا أن المتضررين من ذوي الاحتياجات الخاصة يجدون مشقة كبيرة في مراجعتهم للمحاكم، وفي إنهاء إجراءات رهن الصكوك والقروض التي يطالبون بها.

210 قضية

المتحدث باسم المتضررين المواطن أحمد القحطاني قال في تصريح إلى «الوطن» إن المستفيدين من الأحكام النهائية، التي صدرت حتى الآن بلغت 60 ألف شخص، فيما ينتظر الأحكام الابتدائية ما يزيد عن 150 ألف شخص واخرين ينتظرون دورهم في محاكم الاستئناف.

نظام الصندوق السابق

500 ألف ريال قرض حسن بدون فوائد

1660 ريال القسط الشهري الميسر

إعفاء ورثة المتوفي

من باقي

الأقساط

تعامل الصندوق مع الأحكام

تستقبل في كافة فروع الصندوق

تحول الأحكام إلى مكتب مختص في الدور 8

تسجل بأرقام وتواريخ تعطي للمراجعين

تظل في الأدراج ولا يصدر أي توجيه بخصوصها