مريض يعاني ارتفاعا في درجة الحرارة 40 درجة مئوية، يصاحبها ألم في أسفل الظهر وضيق تنفس وربما إسهال وقيء؛ وتحت أشعة X يدعم الموقف بصورة الرئة وهي متوشحة بترشح أبيض يعني التهابا رئويا حادا، يؤدي ذلك إلى اشتباه بحالة كورونا.

أمر يعتاده الممارسون الصحيون وهو متأرجح - كمرض - بين الخطورة المتوسطة إلى انعدام الخطورة؛ لكن ليست هنا نقطتنا؛ إنما ما هي الإجراءات «الواضحة» للتعامل مع هذه الحالات المعدية مثل كورونا أو السل الرئوي وخلافهما؟.

عندما تطلع على سياسات وإجراءات وزارة الصحة تجدها تتناول الأمر بشكل جيد إلا أنها تهمل أمرا هاما، وهو ماذا بشأن المرضى الآخرين القادمين للمنشأة الصحية الذين لم يختلطوا بهذا المريض المشتبه في حالته بعد؟! وماذا بشأن الممارس الصحي نفسه الذي اختلط بهذا المريض؟!

فبعد سبر الإجراءات الوقائية لمكافحة العدوى، وبعد ذلك سؤال إدارات القطاع بل والتواصل مع قسم مكافحة العدوى بالوزارة هاتفيا فإنك لن تجد جوابا كافيًا لهذا الإشكال.

ولعلي أبسط المسألة؛ مريض مشتبه بإصابته بمرض معدٍ ينتقل عن طريق الهواء، دخل إلى المنشأة الصحية واتجه لغرفة العلامات الحيوية ومن ثم لعيادة الطبيب، ومن ثم لقسم الأشعة ومن ثم اتجه للصيدلية وربما قسم الطوارئ لتلقي الأوكسجين ونحوه، أي أنه جاب معظم المنشأة الصحية، أي أن المنشأة صارت موبوءة بالعدوى أيا كانت، فبعيدا عن الإجراءات المطروحة من قبل الوزارة من العزل والتعقيم وخلافه، ينبثق من صميم هذا المقال سؤالان هامان:

ماذا بشأن الطبيب والممرض اللذين اختلطا بهذا المريض المعدي؟.

وهل من الإجراءات الوقائية عزل المنشأة مؤقتًا عن المرضى والبدء في تعقيمها بالطرق المطروحة والمعروفة لدينا، ومنع دخول مريض جديد إليها لئلا يصاب بما أصيب به صاحبه المشتبه بحالته؟!. أم أن كمامة N 95 التي لا نجدها إلا نادرًا تبقى كافية للعزل، وبالتالي يمكن لهذا الشخص الاختلاط بالأشخاص السليمين؟!.

نحن نعلم أن مايكروب كورونا على سبيل المثال يبقى حيا في الهواء الطلق - دون جسم مستضيف - لمدة أربع ساعات؛ أي أنه سيبقى حيا في المنشأة الصحية أربع ساعات، هذا في حال لم يصِب أحدا؛ فإن أصاب شخصا آخر فسيبقى حيًا ربما أسابيع، وسيبدأ رحلته في إصابته أشخاصا آخرين وهكذا.. فهل يجب منع المرضى الآخرين من الولوج إلى المنشأة الصحية مدة كهذه لمنع تفشي مرض معدٍ ما؟! فإرجاع مريض من علاج مرض أقل خطورة - وإن غضب وتذمر- أصلح من أن يدخل الجميع تحت رحمة مرض معدٍ يكلف المريض صحته وربما حياته كلها، ويكبد الدولة مصاريف يصعب حصرها.

وقبل الختام؛ عودا على ذي بدء فإن لسان الحال يطرح سؤالاً محددا لمكافحة العدوى في الوزارة؛ هل يجب إخلاء المنشأة الصحية مؤقتا حتى اكتمال الإجراءات الوقائية ومن ثم يستأنف سير العمل؟ فإن كان الجواب «نعم» وهو ما يوافق المنطق فلتمد الجهات الصحية بتعميم واضح بهذا الصدد ليكون مرجعا للموظفين، وإن كان «لا» فلتمد أيضا بتعميم مماثل يحمي الطبيب والإداري من أمور قد تترتب على تفشي عدوى أو أمر مشابه.

وأما السؤال الثاني، ما مصير الممارس الصحي الذي اختلط بهذا المريض؟! هل سيتم منحه إجازة لحفظ الآخرين من أن يسبب لهم عدوى، أم سيكون نصيبه التجاهل؟!.

ختامًا؛ وبعيداً عما سبق من ضبابية في الإجراءات؛ فإنك عزيزي المريض قد تتفاجأ عندما أقول لك إنك ربما قد أصبت بعدوى كورونا وذهبت عنك وأنت لا تعلم؛ فهو مرض قد يسيطر عليه جهاز مناعتك بقدرة الله وأنت تغدو وتروح آمنًا مطمئنًا، وفي المقابل فإن جهود القيادات العليا وحرصها على تحجيم الأمراض المعدية باتا أمرًا مشهودًا تطمئن له النفوس، فلا خوف.. دمتم بصحة.