الذي يقر عدالة قضية ما، أو عدم عدالتها ليس التدخل العسكري لمصلحتها، بل القيم والمبادئ التي تمثلها، والممارسات التي تبررها بهذه القيم والمبادئ. جماعة الحوثي لا تمثل القضية اليمنية، بل تمثل عقيدة جيوإستراتيجية، والتي تجمع إيران بحلفائها، وأذرعها بالمنطقة العربية الشرق أوسطية، إيديولوجيا آل البيت، وبروباغاندا معاداة اليهود والنصارى.

يا عبدالملك بن بدر الدين الحوثي لست قائدا بالفطرة، ولست قائداً بالخبرة بل أنت شاب طائش تقبع في بدروم جامع «عطية» المجاور لمدرسة «إسحاق» في سعوان بمديرية شعوب بالعاصمة صنعاء، يحرسك طقم أمن مركزي وحيد، وباختصار فأنت أراجوز يدار ضمن دائرة نفوذ بقطر أكبر، تخدم المصالح الإيرانية الكارثية في منطقتنا العربية.

إيران تريد من جماعة الحوثي إيصال رسالة للعالم بأن اليمن ضمن دائرة نفوذها، ويتوجب على العالم احترامها، وألا يعمل على تقليص هذا النفوذ. جماعة الحوثي الميليشياوية الإرهابية لا تمثل قضية يمنية لا من حيث المبادئ، ناهيك عن الممارسات. وكل ما تمتلكه عبارة عن مصالح أفراد ينتحلون صفات جماعية، وبالتالي كل من يقف مع جماعة الحوثي اليوم ليس له موقف ثابت، بل مصلحة ثابتة.

اليمن يعاني من ثورة شعبية دخلت فيها عناصر كثيرة غير ملتزمة بمبادئها، بل ما زاد الطين بلة هي محاولة جماعات احتكارها، وهذا ما أفسح الطريق لإيران لتجعل جماعة الحوثي أبرز أدواتها في اليمن.

الحرب في اليمن لم تعد حرب أخلاق وقيم، بل حرب جيوستراتيجية تديرها إيران لتفرض جناحا طائفيا دينيا مقصوراً في أجزاء معينة من اليمن، ليكون مشروعه هو نشر الفوضى، والدمار في بقية الأجزاء اليمنية الأخرى، وهذا هو الحال الذي تريد إيران إبقاءه كمشروع إستراتيجي في اليمن. لو كانت المشكلة /‏ الأزمة في اليمن هي حرب أهلية فقط لكانت انتهت بالمصالحة، كما حدث 2012 بموجب اتفاق المبادرة الخليجية.

الحاصل في اليمن أن جماعة الحوثي المدارة من إيران تسعى دوما لخلق عدو، فتنعت اليمنيين بأنهم دواعش، ومرتزقة ومنافقين، وتكفيرين...الخ.

لدينا فقط عقل عصابات، وليس عقل دولة كما يتم الترويج له تحت مسمى مبادرة بناء الدولة، والدليل أنها تستخدم مفهوم السلطة السياسية، المثقفين، الزعماء القبليين والسياسيين من أجل القضاء على اليمنيين، وإخضاع عدد كبير منهم.

لذلك فطريقة تفكير جماعة الحوثي هي طريقة مدمرة لقطاعات، وأعداد كبيرة من الشعب اليمني.

لو دققنا أكثر فالكاتب الشهير /‏ بيار كونيسكا يقدم لنا أفكارا تجعلنا نكتشف ما الذي يدور في اليمن ومآلاته وسيناريوهات المستقبل، وذلك إذا طالعنا كتابة الشهير «صناعة العدو».

أولاً: جماعة الحوثي تعاني أزمة اقتصادية وليس معها إلا القفز إلى الأمام بمزيد من المعارك وفتح الجبهات، لصرف النظر عن أزمة اقتصادية خانقة كهذه.

ثانيًا: جماعة الحوثي تتكلم باسم الشعب اليمني ولكنها لا تمثل الشعب اليمني وبالفعل فهي لم تخض حربا حقيقة، فلو كانت بذاتها موجودة من دون الشعب اليمني لكانت دمرت صنعاء خلال ساعات وليس أيام، وبالتالي فهي تركن للمدنيين لحمايتها وتعزز من معاناة المجتمع المدني لتخلق لإستراتيجية إيران مزيدا من الحضور والبقاء في اليمن.

ثالثًا: منذ أربع سنوات كاملة لم تقدم عملا ملموسا للشعب اليمني، فهي تدرب القناصة وتزرع ألغاما وترسل صواريخ وطائرات مسيرة لتحقق قتلا رخيصا لليمنيين.

رابعًا: فشلت في تشكيل صورة دولية «رأي عام» بأنها تدافع عن اليمن، نظرا لأنها تمارس قتلا يوميا، وتنطلق صوب مناطق جديدة لتدخلها في دوامة العنف والنزوح والاحتراب.

خامسًا: تمارس جماعة الحوثي إبادة على نار هادئة لكل اليمنيين، لكونها تدار بموجب إيديولوجيا إستراتيجية محددة مسبقا من خطابات وأجندات وتدريبات ومهام. بمعنى أنها قد سبق وخطط لها وسبق إعدادها لمهام كهذه في اليمن.

سادسًا: لديها آليات لتصعيد العنف والقتل، وتتغير فئة العدو حسب مقتضيات الحال والنزاع.

سابعًا: لديها كم كبير من الأعداء تستعديهم باسم الشعب اليمني

A.العدو القريب: دول الجوار.B.الخصم العالمي: أميركا وإسرائيل.C.العدو الحميم: اليمنيون أنفسهم، والذين تريد إخضاعهم وقتلهم في إجراء استباقي.

كما لا ننسى أن جماعة الحوثي تدعي مواجهة عدو خفي، وفي ذات الوقت تواجه عدوا إعلاميا.