في الوقت الذي رحل فيه الرئيس الجزائري الأسبق عبد العزيز بوتفليقة عن المشهد السياسي، يحتدم الصراع بين تركته الثقيلة، ممثلة في الدولة العميقة والمؤسسة العسكرية الجزائرية الحادبة على أمن البلد، والحراك الجزائري الذي يرغب في تحقيق تغيير كامل، بعيدا عن الإرث السابق.

الجيش مفتاح الحل

ويرى مراقبون أن المشهد الجزائري يبدو معقدا، في ظل محاولات الدولة العميقة، التي تمتلك نفوذا تاريخيا في البلاد من خلال السيطرة على مفاصل الدولة، فيما يحاول الجيش مساعدة الحراك الشعبي ومنع عودة الإرث البوتفليقي القديم.

ويقول محللون إن المؤسسات العسكرية في الوطن العربي كانت دائما تمثل المفتاح السحري لأي تغيير يريده الشعب، وهي الجهة الفاعلة التي تخوض دائما المواجهة مع الدولة العميقة وتنتصر عليها، رغم الاختلافات من دولة لأخرى وحجم التحديات والإرث والتركات المثقلة في المشهد السياسي.

إرث بوتفليقة

ويفسر مقربون من الأوضاع الراهنة في الجزائر مواقف الجيش تجاه إرث بوتفليقة، ووصف قائده لأنصار الرئيس السابق بالعصابة، يعود إلى معرفته الكاملة بمواضع القوة ومراكز الفساد العميقة، التي رهنت الدولة واقتصادها في يدها طوال 20 عاما.

وطبقا لمحللين سياسيين، فإن الدولة العميقة التي لا تزال تعرقل التحول السياسي تضم شبكة كبيرة من الموالين لبوتفليقة موزعين في الأحزاب السياسية والإعلام وعالم المال والأعمال، وجهات نافذة كانت تمتلك علاقات واسعة مع الخارج.

الدور الخارجي

ويتهم سياسيون جزائريون فرنسا بدعم ربيبتها المتمثلة في الدولة العميقة، ومحاولة الحفاظ على الإرث البوتفليقي وعرقلة التحول المنشود في الجزائر، خصوصا أن الأنظمة السابقة ظلت رهينة النفوذ الفرنسي منذ الاستقلال.

غير أن الحراك الشعبي في الجزائر يستمد قوته من دعم الولايات المتحدة لتحرك الجيش، لتحافظ هي الأخرى على مصالحها الأمنية والاقتصادية، المتمثلة في أمن البحر المتوسط والسيطرة على أمن الصحراء ومكافحة الإرهاب، واستقرار أعمال شركاتها العاملة في قطاع النفط.

المؤسسة العسكرية

ويرجح مراقبون أن تنجح المؤسسة العسكرية في كبح جماح الدولة العميقة تلبية لمطالب الحراك الشعبي، غير أن ذلك مرهون بسرعة الاستجابة للمطالب السياسية، مؤكدين أن الدستور الجزائري يوفر كل الآليات والأدوات التي ستنقل البلاد إلى الديمقراطية الحقيقية.