بعد أكثر من 6 سنوات ومرورها على 6 وزراء صحة، أسدل الستار أخيرا في قضية ذياب آل جبار، المعروفة بـ»ضحية التكميم» والذي توفي بمستشفى الملك خالد، حيث أصدرت الهيئة الصحية الشرعية بنجران مطلع الأسبوع الجاري حكما ابتدائيا في القضية، نص على إدانة الطبيب الذي أجرى العملية بالخطأ الطبي بنسبة 70 %، وإدانة طبيب التخدير بنسبة 30 %، وتحميلهما عدة غرامات تشمل الدية الشرعية وجزاءات لمخالفتهما الأنظمة الصحية في المملكة.

تاريخ القضية

يرجع تاريخ القضية إلى 30/‏ 7/‏ 1434 ، عندما أدخل المريض ذياب آل جبار، إلى مستشفى الملك خالد بنجران، لإجراء جراحة تكميم المعدة بالمنظار، وذلك لعلاج السمنة المفرطة التي كان يعاني منها، وخضع للعملية في تاريخ 2/‏ 8/‏ 1434، لكنه أصيب حسب محضر اللجنة المشكلة من وزارة الصحة آنذاك بعد مرور 45 دقيقة من بداية الجراحة، بهبوط حاد في ضغط الدم وارتفاع نسبة الكربون، وبعدها أجريت له عملية استكشاف جراحي للبطن، وتبين وجود إصابة في الشريان الأورطي تمت خياطتها، لكن ضغط الدم بقي منخفضا بعد انتشار النزيف في جسمه وتوقف قلبه وتوفي في يوم 3/‏ 8/‏ 1434.


النتيجة والحكم

علمت «الوطن» أن الحكم الابتدائي الصادر من قبل الهيئة يوم الأحد الماضي، ألزم الطبيب الجراح بدفع مبلغ 210 آلاف ريال من الدية الشرعية لورثة المتوفى ذياب آل جبار كل حسب حصته في الميراث. وقدرت الهيئة نسبة تحمل الطبيب من الخطأ 70%، كما ألزم الحكم طبيب التخدير بدفع مبلغ 90 ألف ريال من الدية الشرعية وتحميله نسبة 30 % من الخطأ، بالإضافة إلى تغريم الطبيب الجراح 10 آلاف ريال تدفع لخزينة الدولة كحق عام، وكذلك تغريم طبيب التخدير 5 آلاف ريال تدفع لخزينة الدولة، فيما قرر رئيس وأعضاء الهيئة الصحية الشرعية بنجران إخلاء سبيل بقية الأطباء والفنيين الذين تعاملوا مع الحالة، حيث كان تعاملهم مع الحالة وفقا للأصول الطبية المتعارف عليها طبيا، وأعطى الحكم لأطراف الدعوى الحق في الاعتراض والتظلم أمام ديوان المظالم خلال 60 يوما من تاريخ إبلاغهم خطيا بمضمون القرار، وإلا أصبح واجب النفاذ في حالة تقديم ما يثبت تظلمهم وفقا لنص المادة 35 من نظام مزاولة المهن الصحية ولائحته التنفيذية.

رأي الأعضاء

استند الحكم الابتدائي إلى رأي عدد من المختصين والاستشاريين ورأي أعضاء الهيئة الصحية البالغ عددهم 4 أعضاء برئاسة قاضي الهيئة، فيما اشتملت الآراء الطبية على عدة ملاحظات بُنيت عليها الإدانة كان منها: وجود قطع في الشريان الأورطي بسبب إدخال المثقب من قبل الطبيب الجراح واستمرار إجراء العملية حتى بعد التعرف على النزيف الحاد من الشريان الأورطي البطني، وعدم التعامل الصحيح بعد ذلك مع النزيف بعد نزول الضغط، والذي لو أوقفت عملية قص المعدة وأصلح القطع غالبا - بعد إرادة الله- أن الحالة تستقر ولكن تم إهمال النزيف الذي تطلب نقل ما يقرب من 20 وحدة دم.

الحق العام

«الوطن» اتصلت بالوكيل الشرعي لعائلة المتوفى علي آل حطاب، الذي تابع ملف القضية منذ وفاة المريض حتى صدور الأحكام وسؤاله عن القضية والمستجدات، حيث أكد للصحيفة أنه استلم صك الحكم الصادر من الهيئة والانتهاء من الحق الخاص، كاشفا أن الحكم تضمن في نصه ثبوت تجاوزات فيما يمكن تسميته بالحق العام.

وقال: نحمد الله أولاً على ظهور الحقيقة بعد كل هذه السنوات والمعاناة الطويلة وسنتقدم للنيابة العامة كجهة اختصاص جنائي لاستكمال النظر في التجاوزات المختلفة بعد ثبوت الخطأ الطبي وتوجيه الاتهام والمطالبة بالحق العام، فيما عبر والد المريض المتوفى زيدان خضران آل جبار عن خالص شكره لرئيس وأعضاء الهيئة الصحية الشرعية بالمنطقة الذين أعطوا كل ذي حق حقه، مشيدا بالدور الكبير الذي بذله وكيله الشرعي رغم طول مدة التقاضي.

تجاوزات تم تضمينها في الحكم بالحق العام

- مركز السمنة الذي أجريت فيه العملية لم يكن مرخصا من قبل وزارة الصحة

- الطبيب الجراح الذي أجرى العملية لم يكن مصنفا استشاريا من قبل هيئة التخصصات الصحية

- عدم تصنيف الجراح لا يؤهله لإجراء مثل هذه العمليات خصوصا أنها غير عاجلة

- تقديم المعلومات المغلوطة والمتضاربة لذوي الضحية بعد إجراء العملية وحدوث الوفاة

- اعتبرت هذه التجاوزات مخالفة للأنظمة وأسهمت بشكل مباشر في وفاة المريض