تأتي الدراما التي تبث في رمضان المبارك من كل عام في مقدمة البرامج التلفزيونية من حيث قدرتها على جذب انتباه المشاهدين بعناصر التشويق والإثارة. ونظرا لكثرتها فهي تحظى بنسبة مشاهدة مرتفعة من كل فئات المجتمع، خاصة المراهقين، لما لها من تأثير واضح في سلوكهم وقيمهم وأخلاقياتهم واتجاهاتهم، وقد تحتوي بداخلها على بعض القيم والمفاهيم والأفكار التي لا تتلاءم مع مجتمعنا.

ولكننا نجد الدراما التلفزيونية أصبحت الآن تقدم بعض الأعمال المنافية للأخلاق والآداب العامة، فهي تدس في العمل القتل والسرقة والإكراه والألفاظ البذيئة والعنصرية والطبقية، وقد تكون عن قصد أو غير قصد. في بعض المسلسلات العربية محاكاة وتسويق لعادات وثقافات غربية وغريبة عن مجتمعاتنا العربية والإسلامية إلى جانب العنف ومشاهد الإثارة. تؤثر مشاهدة هذه الدراما التلفزيونية في النمو المعرفي والعقلي للمشاهد، وتستطيع الدراما التأثير عن طريق عدد من العمليات العقلية الشعورية واللاشعورية لدى المشاهدين، خاصة المراهقين في إثارة الجانب الخيالي لديهم، فيعيش الفرد مع خيالاته المستمرة مما يراه على هذه الشاشة الفضية، خصوصا عندما يتخيل المشاهد نفسه في موقف البطل، وقد يحاول حل مشكلاته الخاصة بالطريقة نفسها التي تحل بها المشكلات في هذه المسلسلات، وقد غاب عن تفكيره أن سيناريو الأحداث على هذه الشاشة متعمد وموجه مسبقا.

من ذلك أيضا برامج المقالب التي تظهر علينا في كل عام، وتستضيف فنانين ومشاهير ليكونوا سادة الموقف على اتفاق تمثيلي مسبق باعترافهم في عدد من اللقاءات، وهذه البرامج على تنوعها ولكن بفكرة هزلية واحدة يتم تكرارها طيلة الموسم بدون تغير، استخفافا واستهتارا بعقول المشاهد، وقد غاب عنها عنصر الإثارة والتشويق والمصداقية، إضافة إلى التعليقات السيئة والارتجالية الركيكة المصاحبة لهذه المشاهد.

فلا بد من مراعاة وسائل الإعلام للأخلاقيات العامة، والالتزام بمواثيق الشرف المهنية عند تقديم الأعمال الدرامية المختلفة، لتكون أعمالا ذات رسالة اجتماعية هادفة، خاصة مسلسلات شهر رمضان المبارك. وتكمن المشكلة الأخلاقية في استخدام وسائل الإعلام -في بعض المواد الدرامية والإعلانية- لإيحاءات مثيرة وخادشة للحياء، أو مشاهد جريئة وألفاظ بذيئة وسلوكيات خاطئة، في وسائل تقتحم المنازل وتدخل كل بيت بدون استئذان، وهذا يعد عدوانا واضحا على منظومة أخلاقيات وقيم المجتمع العربي.