المرأة لا يكفي أن نقول هي (الأم والأخت والزوجة والابنة)، كما الرجل لن يقبل أن يختزل في أن يكون مجرد (أب أو أخ أو زوج أو ابن)، الرجل سيفرض نفسه كإنسان له مهارات ومواهب وواجبات خارج دائرة العلائق العائلية، فهو الموظف، وصاحب الطموح، والرياضي، هو الإنسان بكل تجلياته قوة وضعفا، ويجب على كل رجل أن يفهم بشكل عميق معنى المرأة في العصر الحديث خارج دائرة العلائق العائلية، فهي الموظفة وصاحبة الطموح والرياضية، هي الإنسان بكل تجلياته قوة وضعفا، هي نصف المجتمع، وهي نواة الأسرة، فكيف بمجتمع يرى نصفه الأنثوي (عورة وعارا وفتنة)، هل نقارنه بمجتمع يرى نصفه الأنثوي (عزا وفخرا ومجدا)، تأملوا التاريخ يوم كنا نرى خديجة -رضي الله عنها- أول سيدة أعمال مسلمة، ويوم كنا نرى عائشة -رضي الله عنها- عالمة فقيهة وراوية حديث ثقة (ليس معها شاهد آخر على سماع الحديث وأخذنا عنها في النقل عن رسول الله، بل وفي تعديل بعض أقوال أبوهريرة، وهو رجل)، ويوم كانت العرب تفخر بأول ملكة عربية قبل الإسلام (الملكة زنوبيا حكمت شمال الجزيرة العربية)، وأصبح العرب بعدها يسمون بناتهم زينب تيمنا بها، ويوم كانت العرب حتى في رواية (ساق الغراب) في العصر الحديث ليحيى امقاسم تقودهم امرأة في قرية امحسيني، كحكاية واقع قبل أن تكون حكاية امرأة تقود رجالا أشداء أشاوس، يمارسون ختان أنفسهم بأيديهم، كي لا يلحقهم عار الجبن والخوف.

كل هذا التاريخ العربي الذي أنجب بلقيس كملكة حكيمة (رأيها في سليمان كان خيرا من رأي وزرائها ومستشاريها)، من حقه أن يفخر بعروبته المليئة بالعز والفخر بكل مكوناته من الجنسين، أما ثقافة (العيب والعار) التي لبسها بعض العرب من ثقافة السبي ووأد البنات خوف الفقر فـ(ابن تنباك ينفي هذه الخرافة)، بالإضافة إلى ثقافة (الحرملك) التي لم أجدها ككلمة في القاموس العربي، ففي كل القواميس القديمة لا توجد كلمة حريم (كوصف جمع خاص بالنساء)، بل عند أهل تهامة في ما أعلم ممن يضعون أكاليل الورد والبرك على رؤوسهم -وهم أهلي وناسي- أقول عند كل تهامي من جنوب الجزيرة العربية لم يتأثر بالصحوة يقول: جاء امنسوة، وراح امنسوة، ولا يستخدم عبارة: جاء الحريم وراح الحريم، إلا بعض من ظن المصطلح مصطلحا شرعيا، رغم أن الرسول الكريم -فيما أعلم- كان يصف زوجته بأنها زوجته أو باسمها الصريح وكذلك ابنته، ولم يكن يستنكف منهن بقوله: الحريم التي ابتدعها مهووسو (الفتنة)، مدّعو الهروب منها وهم أكثر الناس هوسا بها وبدلالاتها النابعة من ذواتهم، وقد وصف القرآن الكريم هؤلاء بمرضى القلوب، فهل يعقل أن يستنكف رجل عن إخراج ابنه الغلام للحياة لأنه يخاف مرضى القلوب من مصابي الشذوذ الجنسي، أو يمنع أطفاله من الحدائق لاحتمال وجود مرضى (البيدوفيليا/ اشتهاء الأطفال) بين مرتاديها، فوبيا (الفتنة) يصل بالبعض إلى حالة من (الفيتيشية المزمنة) دون أن يشعر (الفيتيشية مرض يصاب به الذكور فقط لاشتهاء أي جزء خاص من البدن أو اللباس كالجورب مثلا)، وتظهر عند البعض كحذر غير مبرر وغير راشد تجاه لبس طبيعي، كعباءة الكتف مثلا (يراها البعض مثيرة للفتنة الشديدة!!!) أو كيدٍ مكشوفة بلا دسوس؟!!؟، فهل يحكم (مرضى القلوب) على الطبيعيين من الرجال والنساء ذوي المروءة والخلق الرفيع بأن يمتنعوا عن الحياة الطبيعية خوفا من هؤلاء المرضى، أم أن الطبيعي يكون في علاج المريض، إما بالمصحات النفسية وعلاجاتها، أو بالقانون وعقوباته الرادعة.