أجبرت عدد من التطورات السياسية في المنطقة النظام الإيراني إلى قيام دبلوماسيتها بجولات مكوكية استباقية في عدد من الدول الخليجية والآسيوية، لشرح حجم تنازلاتها حيال التوترات الراهنة، غير أنه لم تعلن أي ردود أفعال إيجابية لطروحاتها وزياراتها، التي غطت حتى الآن كل من العراق وعُمان والكويت، وباكستان والهند وقطر.

سر العرض الإيراني

ويتساءل مراقبون عن سر عرض إيران للتفاوض على دول الخليج، بينما تعلن رفضها أي مفاوضات مع واشنطن حاليا، وما هي مصداقية النوايا في دعوة طهران لعقد معاهدة عدم الاعتداء في الخليج، وهل تسوّق إيران لتهدئة جديدة مع دول الجوار، بينما ينشط وكلاؤها في المنطقة.

أين وكلاء النظام

وينظر مراقبون بسخرية إلى دعوات طهران لجيرانها بالتهدئة وعدم الاعتداء، في الوقت الذي تتناسى فيه وكلاءها في المنطقة، الذين يشكلون أس المشكلات بالمنطقة، عبر تنفيذ العديد من الأدوار نيابة عنها، متسائلين عن أسباب عدم الحديث عن لجم ميليشياتها التي تسبب القلاقل في العديد من الدول.

دبلوماسية عرجاء

ويفسر محللون أن الجولات الدبلوماسية لإيران هي محاولات مفضوحة لتسول مبادرات التهدئة مع الولايات المتحدة في الخفاء من ناحية، والبحث عن ثغرات للالتفاف على عقوبات واشنطن الاقتصادية التي أنهك كاهلها من ناحية أخرى، لافتين إلى فشل دبلوماسيتها العرجاء.

انكسار وفشل

ولكن اعترفت إيران عن انكسار دبلوماسيتها، حينما قالت إنها لم تتلق حتى الآن أي رد من دول الخليج على مقترح توقيع اتفاقية عدم الاعتداء، ما يعني أن أحد لا يصدق جعجعة النظام، بينما يعيث وكلاؤها فسادا وزعزعة للأمن في العراق ولبنان واليمن وسوريا.

الحلول الممكنة

ويلخص مراقبون أن حلول التهدئة الممكنة مع نظام طهران سواء في منطقة الخليج أو الشرق الأوسط، تكمن في الإعلان الصريح عن رفع يدها عن الوكلاء الإيرانيين في الدول العربية، والتخلي عن سياسة الاحتواء المذهبي المسلح للميليشيات، ووقف تمويل الخلايا التي دأبت تعكر أمن الدول واستقرارها.

التخلي عن الفتن

ويضيفون أنه ما لم تتخل إيران عن مشاريعها المذهبية والتعبئة الأيدولوجية لأتباعها، ونشر الكراهية والفتنة بين مكونات الدولة الواحدة، إضافة إلى الابتعاد عن التدخل في شؤون الدول الأخرى، فإن دبلوماسيتها ستكون مجرد ذر للرماد في العيون، وحرث بلا طائل في بحر الخليج.

الالتفاف على العقوبات

ويعتقد محللون أن الدبلوماسية الإيرانية تريد مقايضة معاهدة عدم الاعتداء مع دول الجوار، مقابل مصالحها الاقتصادية، وهو بالضبط ما أبرزه مساعد وزير خارجية النظام الإيراني عباس عراقجي، حينما قال إن إرساء الأمن والاستقرار في المنطقة يتطلب ضمان المصالح الوطنية والاقتصادية لكافة دولها.

رهاب القمم الثلاث

ويقول محللون أن التطورات التي تشهدها المنطقة، والتي تتمثل في استضافة المملكة العربية السعودية لثلاث قمم إسلامية وعربية وخليجية أشعرتها بالعزلة التامة، ليس للنظام فقط، ولكن لسياستها العدوانية، خصوصا بعدما أدارت أوروبا ظهرها عن التفاهمات الاقتصادية والآلية التجارية مع طهران، ورفض روسيا بأن تعمل كطفاية حريق بالمنطقة.