شدد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، على أن القضية الفلسطينية تمثل الركيزة الأساسية لأعمال منظمة التعاون الإسلامي، وهي محور اهتمامنا حتى يحصل الشعب الفلسطيني الشقيق على كافة حقوقه المشروعة، والتي كفلتها قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية. وأضاف في كلمته خلال افتتاح أعمال القمة الإسلامية الرابعة عشرة لمنظمة التعاون الإسلامي، أن التطرف والإرهاب من أخطر الآفات التي تواجهها أمتنا الإسلامية والعالم أجمع، ويجب أن تتضافر الجهود لمحاربتها وكشف داعميها وتجفيف مواردها المالية بكل السبل والوسائل المتاحة. وأكد خادم الحرمين الشريفين، أن المملكة كانت ولا تزال تسعى ما استطاعت إلى الإصلاح وتوفيق وجهات النظر المختلفة خدمة للدول الإسلامية وشعوبها.

نص كلمة خادم الحرمين

أرحب بكم في المملكة العربية السعودية مهبط الوحي ومن جوار بيت الله الحرام قبلة المسلمين وفي هذا الشهر المبارك، حيث نجتمع في هذه القمة التي نأمل أن تحقق ما نصبو إليه لأمتنا الإسلامية من عزة وتقدم وأمن وسلام ورخاء وازدهار.

ويسعدني أن أشكر فخامة الرئيس رجب طيب إردوغان رئيس الجمهورية التركية على ما قام به من جهود خلال رئاسته للدورة السابقة للقمة الإسلامية. كما أشكر الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي على ما تقوم به الأمانة من أعمال لخدمة التعاون الإسلامي.

الإخوة الكرام

نستذكر هذا العام مرور خمسين عاما على تأسيس منظمة التعاون الإسلامي، التي جاء تأسيسها بعد حادثة إحراق المسجد الأقصى الذي لا يزال يرزح تحت الاحتلال ويتعرض لاعتداءات ممنهجة.

إن القضية الفلسطينية تمثل الركيزة الأساسية لأعمال منظمة التعاون الإسلامي، وهي محور اهتمامنا حتى يحصل الشعب الفلسطيني الشقيق على كافة حقوقه المشروعة، والتي كفلتها قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية. ونجدد التأكيد على رفضنا القاطع لأي إجراءات من شأنها المساس بالوضع التاريخي والقانوني للقدس الشريف.

أيها الإخوة الكرام

إن التطرف والإرهاب من أخطر الآفات التي تواجهها أمتنا الإسلامية والعالم أجمع. ويجب أن تتضافر الجهود لمحاربتها وكشف داعميها وتجفيف مواردها المالية بكل السبل والوسائل المتاحة. وللأسف الشديد يضرب الإرهاب في منطقتنا من جديد. فخلال هذا الشهر الكريم تعرضت سفن تجارية قرب المياه الإقليمية لدولة الإمارات العربية المتحدة لعمليات تخريب إرهابية ومن بينها ناقلتا نفط سعوديتان، وهو ما يشكل تهديدا خطيرا لأمن وسلامة حركة الملاحة البحرية والأمن الإقليمي والدولي. كما تعرضت محطتا ضخ للنفط في المملكة العربية السعودية لعمليات إرهابية عبر طائرات بدون طيار من قبل ميليشيات إرهابية مدعومة من إيران. ونؤكد على أن هذه الأعمال الإرهابية التخريبية لا تستهدف المملكة ومنطقة الخليج فقط، وإنما تستهدف أمن الملاحة وإمدادات الطاقة للعالم.

الإخوة الكرام

من المؤلم أن يشكل المسلمون النسبة الأعلى بين النازحين واللاجئين على مستوى العالم جراء الاضطرابات والحروب، وانحسار فرص العيش الآمن الكريم في بلدانهم. ومن هذا المنطلق فإن المملكة العربية السعودية كانت ولا تزال تسعى ما استطاعت إلى الإصلاح وتوفيق وجهات النظر المختلفة خدمة للدول الإسلامية وشعوبها، مع الاستمرار في مد يد العون والمساعدة عبر الجهد الإنساني والإغاثي، حرصا على سيادة وأمن واستقرار الدول الإسلامية في ظل وحدة وطنية وسلامة إقليمية.

الإخوة الكرام

إن إعادة هيكلة منظمة التعاون الإسلامي وتطويرها وإصلاح أجهزتها أصبحت ضرورة ملحة لمجابهة التحديات الإقليمية والدولية التي تمر بها أمتنا. وبمشيئة الله وتوفيقه ستسعى المملكة العربية السعودية من خلال رئاستها لأعمال هذه القمة للعمل مع الدول الأعضاء والأمانة العامة للمنظمة للإسراع في تفعيل أدوات العمل الإسلامي المشترك تحقيقا لما تتطلع إليه شعوب أمتنا الإسلامية. وفي الختام أجدد الترحيب بكم جميعا في بلدكم الثاني، راجيا من الله -العلي القدير- لقمتنا هذه النجاح والتوفيق، وأن يبارك في أعمالنا ويوفقنا إلى ما يحقق العزة والأمن والاستقرار والرخاء والتنمية لأمتنا الإسلامية.

إرادة صادقة

أعرب الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الدكتور يوسف العثيمين، عن ثقته في أن تشكل هذه القمة الإسلامية الرابعة عشرة علامة فارقة في تاريخ المنظمة التي تتوج عامها الخمسين، بما يحدونا جميعا من إرادة صادقة، وعزيمة قوية، للتعاضد يدا بيد نحو مستقبل أفضل لشعوب دولنا، وموقف موحد تجاه قضايا عالمنا الإسلامي.

وأشاد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي بجهود القادة رؤساء اللجان الدائمة لمنظمة التعاون الإسلامي، وهي: لجنة القدس، واللجنة الدائمة للتعاون العلمي والتكنولوجي، واللجنة الدائمة للتعاون الاقتصادي والتجاري، واللجنة الدائمة للإعلام والشؤون الثقافية، على قيادتهم باقتدار لشؤون هذه اللجان المهمة.

ودعا العثيمين إلى مواصلة الجهود والبناء على ما تحقق، في تضامن إسلامي متين، قوامه الروابط الأخوية الوثيقة التي تجمع بين البلدان الإسلامية، وسنده القيم الإسلامية السمحة، والتكافل لمواجهة مختلف التحديات، ومعالجة أوضاع المنطقة، ونصرة قضايانا العادلة، وتسوية الأزمات بالطرق السلمية، بما يدرأ المخاطر التي تهدد شعوبنا وأمن واستقرار بلداننا، ومصالح منطقتنا. وبين أن في مقدمة هذه التهديدات، آفتي الإرهاب والتطرف، طاعون العصر وسرطانه، اللتين ما زالتا تتربصان بالأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، ولا أدل على ذلك من العمليات الإرهابية التي شهدتها دول غير إسلامية، والتي أثبتت أن الإرهاب لا دين له أو جنسية أو عرق.

وأضاف أن المملكة شهدت اعتداء إرهابيا آثما على محطات الضخ البترولية، مستهدفة مصالح الدول وإمدادات النفط العالمية، كما تعرضت أربع سفن تجارية لأعمال تخريبية في المياه الإقليمية لدولة الإمارات العربية المتحدة، مهددة أمن وسلامة حركة الملاحة البحرية العالمية. مجددا إدانة منظمة التعاون الإسلامي الشديدة لهذه الأعمال الإرهابية، وداعيا المجتمع الدولي إلى النهوض بمسؤولياته للحفاظ على السلم والأمن في المنطقة.

اعتداءات آثمة

تطرق الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي في كلمته إلى المحاولات التي تقوم بها الميليشيات الإجرامية الحوثية لاستهداف المملكة، موجهة صواريخها الإرهابية إلى أقدس بقاع الأرض، ومستهدفة مهوى أفئدة ملايين المسلمين المعلقة أرواحهم في هذا المكان الطاهر. وأشار إلى ما أقرته منظمة التعاون الإسلامي في الاجتماعين الوزاريين الطارئين اللذين عقدا في مكة المكرمة وجدة عامي 2016 و2018، لبحث تداعيات إطلاق ميليشيات الحوثي صواريخ باليستية على مدن المملكة، باتخاذ الخطوات اللازمة لمنع تكرار مثل هذه الاعتداءات الآثمة في المستقبل، وطلبت من جميع الدول الأعضاء والمجتمع الدولي اتخاذ إجراءات جادة وفعالة لمنع حدوث أو تكرار مثل هذه الاعتداءات. وأكد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي أن المساس بأمن المملكة، كدولة عضو في المنظمة، ومقر لها، إنما هو مساس بأمن وتماسك العالم الإسلامي بأسره. مؤكدا تضامن المنظمة التام مع المملكة في كل ما تتخذه من إجراءات للدفاع عن أمنها واستقرارها اتساقا مع ميثاقي منظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة.

استعادة الحقوق

ألقت دولة رئيسة وزراء بنجلاديش الشيخة حسينة واجد كلمة نيابة عن المجموعة الآسيوية، أعربت في مستهلها عن تشرفها بالمشاركة في أعمال القمة الإسلامية بمكة المكرمة، مقدرة للمملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين دورها في خدمة القضايا الإسلامية. وأكدت أهمية الدور الذي تضطلع به منظمة التعاون الإسلامي منذ إنشائها من أجل استعادة حقوق الشعب الفلسطيني وكرامة الأمة الإسلامية. وتناولت ما يعترض الإسلام وينسب إليه بصورة خاطئة «التطرف والإرهاب»، متطرقة إلى جهود بلادها تجاه النازحين من ميانمار، وضرورة أن تكون هناك بيئة ملائمة لعودتهم.

عمل مشترك

كلمة رئاسة الدورة السابقة للقمة ألقاها رئيس الوفد التركي وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، عبر فيها عن شكره لخادم الحرمين الشريفين على الإعداد والتحضير لأعمال هذه القمة في رحاب مكة المكرمة، معربا عن أمله في أن تخرج القمة بما يعزز مسيرة العمل الإسلامي المشترك. وأكد رئيس الوفد التركي، أن قضية فلسطين ستبقى دوما هي القضية الأساسية، وأن أي عملية سلام لا تنص على إنشاء دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشريف فإنها مرفوضة في مجتمع منظمة التعاون الإسلامي. كما أكد أن بلاده ماضية في جهودها في إطار عمل منظمة التعاون الإسلامي نهوضا بالقضايا المشتركة بين الأمة الإسلامية. وقال: إن رئاسة المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين، ستتم الاستفادة منها في تعزيز وحدتنا من أجل خدمة قضايانا المشتركة وتحقيق أهدافنا النبيلة.

إعادة الأمن

رئيس الجمهورية التونسية الباجي قائد السبسي، ألقى كلمة نيابة عن مجموعة الدول العربية، معربا فيها عن ثقته أن المملكة ستسهم في هذه الدورة بإعطاء دفع جديد للعمل الإسلامي ومزيد من التوفيق والتضامن بين بلداننا الإسلامية، مبينا أن القضية الفلسطينية تأتي في أولويات القضايا المدرجة على جدول أعمال هذه القمة بجانب الأزمات القائمة في ليبيا وسورية واليمن، سعيا إلى إعادة الأمن والاستقرار في منطقتنا الإسلامية، وتوطين مقومات السلم وتهيئة الأرضية لمرحلة جديدة للعمل المشترك بين الدول الإسلامية. ودعا الرئيس التونسي جميع الدول الإسلامية إلى التنسيق المشترك وتفعيله مع المنظمات الدولية حتى تتخلص بلداننا من التداعيات الخطيرة على مختلف المستويات، وتأثيرها في تغذية تيارات الإرهاب والتطرف وتعطيل التنمية واستنزاف طاقات البلدان الإسلامية.

وقوف الكويت إلى جانب المملكة

ألقى أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، كلمة أكد فيها وقوف الكويت إلى جانب المملكة في الدفاع عن أمنها واستقرارها، معربا عن إدانة الكويت الهجمات التي تستهدف أمن واستقرار المملكة وسلامة مواطنيها.

كما أكد إدانة الكويت الهجمات التي تعرضت لها السفن قبالة سواحل دولة الإمارات العربية المتحدة، لما تشكله من تهديد لأمنها واستقرار المنطقة، واستهداف لسلامة الملاحة البحرية، ومن خطر على إمدادات الطاقة العالمية.

ودعا إلى الوقوف أمام واقع الأمة الإسلامية وتأمل مدلولاته، والعمل بجهد لتفعيل آليات العمل التنموي لدعم هذه الآليات والارتقاء بها إلى المستوى الذي يحقق آمال وطموحات أبنائها.