شكل التصعيد الأميركي ضد إيران بإلغاء الإعفاءات من العقوبات الأميركية للدول الثماني المستوردة للنفط الإيراني، وإعلان الحرس الثوري منظمة إرهابية، الحدث الأبرز على الساحة الإيرانية، خلال شهر إبريل 2019، فيما سادت إيران أجواء تشبه إلى حد كبير أجواء ترقب الهجوم العسكري الأميركي على إيران في عهد الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش، وبشكل أو بآخر كانت التحركات الإيرانية هذا الشهر ردود أفعال على التصعيد الأميركي.

سيناريوهات التصعيد

وبحسب التقرير الحديث الذي اطلعت عليه «الوطن» عن الحالة الإيرانية لشهر إبريل 2019 صدر عن المعهد الدولي للدراسات الإيرانية «رصانة»، فقد هيمن البحث في سيناريوهات التصعيد التالية واحتماليات الصدام أو طرق تجنبه على التحركات الإيرانية على الأصعدة كافة.

العلاقة مع القاعدة

في السياق ذاته، لفت التقرير بأن الحرس الثوري الإيراني حاول التغطية على العلاقة المشبوهة، التي جمعت إيران مع تنظيم القاعدة، في الفترة التي كان فيها الهلال الأحمر الإيراني يقوم بعمليات إغاثية في البوسنة والهرسك، عبر تصريحات لأحد قادته السابقين، الذي قد يكون مدفوعا في ذلك بالرغبة في تعظيم دور ومكانة الحرس الثوري لدى الرأي العام الداخلي الإيراني.

تدخلات الهلال الأحمر

ولفت التقرير بأن تدخل الهلال الأحمر الإيراني جاءت نتيجته عكسية، إذ أصبحت هيئة الهلال الأحمر الإيرانية موضع اتهام كهيئة إغاثية دولية لا يحق لا التدخل في أي صراع بأي شكل، كما أظهرت تلك التصريحات نوعا من التقارب الحركي بين إيران وتنظيم القاعدة، على الرغم من الاختلاف الأيدولوجي الظهر بينهما.

تصريح قاسمي

وفي الوقت الذي وضعت فيه الولايات المتحدة الأميركية الحرس الثوري الإيراني على قوائم الإرهاب يوم 8 إبريل 2019، صرح أحد قادة الحرس المتقاعدين سعيد قاسمي بأن الحرس الثوري، كان يدعم القوات الجهادية في البوسنة، وأنهم تحالفوا معه ودعموا تنظيم القاعدة، وحسب قوله: «لقد توجهنا إلى البوسنة تحت غطاء الهلال الأحمر، ودربنا القوات الجهادية، فقد كنا مع تنظيم القاعدة، وشكلنا وحدات جهادية مع المجاهدين كافة بالعالم».

المتحدث باسم الحرس

وقد نفى المتحدث الرسمي باسم الحرس الثوري تلك التصريحات، وقال: «إن التصريحات التي أدلى بها سعيد قاسمي، الضابط المتقاعد بالحرس الثوري عن استخدام الهلال الأحمر كغطاء للعمليات، تفتقر إلى المصداقية».

بيان الهلال الأحمر

من جهتها قالت جمعية الهلال الأحمر الإيرانية، في بيان لها، أنها ستقدم شكوى رسمية ضد قاسمي، مؤكدة أن هذا الإجراء الذي تحدث عنه قاسي تم دون تصريح أو تنسيق مع الجمعية، وأنها جمعية محايدة في النزاعات المسلحة، وهدفها دعم الإنسانية ومساعدة المنديين فقط.

التباين المذهبي

ورغم التباين المذهبي بين النخبة الحاكمة الإيرانية من جانب، وتنظيم القاعدة من جانب آخر، فإن ثمة مصالح مشتركة للطرفين أدت إلى هذا التعاون، فالإيرانيون وجدوا في إيواء قادة من تنظيم القاعدة نوعا من الضغط على أميركا، وفي الوقت نفسه توجيه أعمال القاعدة بعيدا عن إيران وحماية لها من الاستهداف، ومن ثم ربما ينعكس أيضا على تهدئة التوترات على الأطراف الإيرانية من قبل بعض المحسوبين على القاعدة منهجيا، خصوصا الحدود الإيرانية الباكستانية.

إلغاء الإعفاء

وفي الملف السياسي أوضح التقرير بأنه بدا واضحا انزعاج الحكومة الإيرانية من إلغاء الإعفاء من العقوبات الأميركية للدول الثمانية المستوردة للنفط الإيراني، فهذه الخطوة من قبل الولايات المتحدة كانت بمثابة بدء العد التنازلي لإحكام حصار اقتصادي على إيران، قد يكون أشد مما كان عليه الحال قبل توقيع الاتفاق النووي، فسياسة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لا تستبعد المواجهة العسكرية مع إيران، وهو عازم ليس على إجبار إيران على التوقيع على اتفاق نووي جديد فحسب، وإنما تفكيك المشروع الإيراني الخاص بالتوغل، وتوسيع النفوذ في منطقة الشرق الأوسط.

البرنامج الصاروخي

وأشار تقرير «رصانة» بأن الولايات المتحدة تقف أيضا في وجه البرنامج الصاروخي والنشاط البحري الإيراني المتزايد، ولذا جاءت ردود الأفعال الإيرانية على الخطوات الأميركية انفعالية إلى حد كبير، ولم تتجاوز حد الخطابة والتصريحات التهديدية.

التجاذب العراقي

وأكد ذات التقرير أن العراق بات أمام معضلة حقيقية تتعلق بكيفية تحقيق التوازن في إدارة العلاقات الخارجية مع الجارتين السعودية والإيرانية، الواقفتين على طرفي نقيض إزاء عدة ملفات إقليمية ودولية، فهو يدرك الأهمية الاستراتيجية لكلتا الدولتين الجارتين له، خصوصا في ظل التجاذب العراقي الداخلي بين تحالفين أحدهما موال لإيران، ويسعى للحفاظ على بقاء العراق ضمن دائرة النفوذ الإيراني، والآخر يرفض الهيمنة الإيرانية، ويسعى لعودة العراق إلى محيطه العربي.