فمن هانت عليه لغته وهنت معها قيمته واعتل شعوره، فأهم إنجازات الثقافة العربية المعاصرة، أن الأفكار التي ترسخت أهميتها وتأكدت قيمتها كانت نتاج أهمية اللغة العربية وجعلها قوة دافعة في الحاضر تساهم بفاعلية في التغلب على سلبيات الوضع الراهن ومحاصرة سلبياته في أضيق الحدود.
ومتى يتعود المواطن على التفكير المنطقي العلمي السليم، وكما أسلفت من هانت عليه لغته وهنت معها قيمته واعتل شعوره بهويته، وتفجرت داخله التناقضات والصراعات والنزعات غير المتوازنة التي نجد أن الإرهاب أحد تجلياتها المتعددة، وهذا ما يجعلني أُطالب المجتمعات العربية بإصلاح وضعها اللغوي؛ لأنه يحتاج إلى سياسة شاملة تستقطب اهتمام أغلب أفراده بكل طاقاتهم، للنهوض بواقعهم والتغلب على كل ما فيه من سلبيات. ولا يعني رد الاعتبار للغة القومية الانغلاق عليها أو تجاهل العناية باللغات الأخرى، إنما يعني الإصلاح اللغوي الشامل الذي يهتم بدراسة اللغة العربية أولاً باعتبارها مستودع الخبرة المعرفية لكافة أفراد الأمة. ومن هذا المنطلق كانت دعوتي للإصلاح والاهتمام باللغة كمفردة في غاية الأهمية للهوية الإنسانية والقومية.