خالفت المقررة المستقلة في الأمم المتحدة أنييس كالامار المبادئ القانونية المتعلقة بالحيادية في تناول المسائل القانونية، ومن ثم الحكم عليها، حيث جاء تقريرها الصادر، الأربعاء الماضي، بشأن قضية مقتل المواطن السعودي جمال خاشقجي مشوبا بالانحياز وغياب الموضوعية، ومفعماً بالتسييس وتبني تصريحات وتحليلات واستنتاجات معادية للمملكة.

كما جاء تقريرها وكذلك تصريحاته التالية له متضاربة على نحو لا يقبله القانون مطلقاً، فقد طالبت في التقرير بمحاسبة شخصيات سعودية كبيرة، وجعلت تلك المطالبة عنوانا عريضا لتقريرها، لكنها عادت لتوضح في تصريحات تلفزيونية لاحقة "المسألة الثانية، مَنْ أمر بالقتل؟ هي مهمة بالطبع، وهذا أمر لا أستطيع الإجابة عليه، وهو ليس هدف تحقيقي".

المريب يكشف نفسه

وفي تأكيد على عدم حيادية كالامار كمعنية بإصدار تقرير حول مقتل خاشقجي، فقد دأبت منذ الأيام الأولى لتلك الحادثة على إلقاء التهم على المملكة دون أدنى دليل، وهذا يكشف انحيازها ضد العدالة، إذا لا يقبل من مقرر قانوني مستقل أن يحكم بتسرع ودون دراسة كل الأسباب والملابسات وتوضيحها والبناء عليها، لكنها فعلت، حيث نشرت ومنذ اليوم الثالث من الحادثة تغريدات اتهمت فيها المملكة بالتستر على الجريمة.

إمعان في الانحياز

ولم تتوقف تصريحات كالامار ومحاولاتها النيل من المملكة على الأيام الأولى للحادثة، فبعد أن باشر قضاء المملكة دوره، وعقد أكثر من جلسة لمحاكمة المتورطين فيها، انبرت المقررة المستقلة في مارس الماضي لتتهم هذا القضاء بعدم مراعاة المعايير الدولية، بل وتمادت أكثر فاتهمت ممثلي الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن وممثل تركيا الذين كانوا يحضرون جلسات المحاكمة كنوع من حرص المملكة على إضافة الشفافية على المحاكمة والتأكيد على الحرص على تطبيق مبادئ العدالة في مجرياتها، بأنهم "متواطئون في إجهاض "محتمل" للعدالة" على حد تعبيرها.

وفي مارس أيضاً قالت كالامار "ستكون (السعودية) مخطئة بشكل كبير إذا اعتقدت أنّ الإجراءات، كما تجري حاليا، سترضي المجتمع الدولي".

تجاهل متعمد

وإمعانا في الإساءة، تجاهلت كالامار كل جهد لقضاء المملكة في الوصول لحقيقة مجريات الحادثة والمسؤولين عنها، على الرغم من إعلانه قائمة بـ11 متهما، وعلى الرغم من مطالبة النيابة بإعدام 5 متهمين، وعلى الرغم من أن الجلسات يحضرها ممثلون دبلوماسيون، ومنظمات وهيئات حقوقية مدنية، وكذلك ممثل عن عائلة خاشقجي.

وفي هذا الصدد أوضح وزير الدولة للشؤون الخارجية عادل الجبير "المقررة الخاصة تجاهلت الجهود التي بذلتها الأجهزة المختصة في المملكة في التحقيق مع مرتكبي الجريمة وتقديمهم للعدالة والتي سبق الإعلان عنها، وكان يتعين عليها أن تشير إلى تلك الجهود وأن تولي التحقيقات الجارية والإجراءات القضائية المتخذة في هذه القضية في المملكة الاحترام الكامل لمساسها بسيادة المملكة ومؤسساتها العدلية التي لا يمكن القبول أبداً بأي تجاوز عليها.. التقرير قلّل بشكل غير مفهوم الإجراءات التي اتخذتها المملكة لإعادة هيكلة رئاسة الاستخبارات العامة في المملكة، والتي تم الإعلان عنها".

تعاون دولي

لم تعمل المملكة في القضية بشكل فردي، بل كانت شفافة دون التنازل عن حقها السيادي بمحاكمة الفاعلين، فقد تعاونت مع الأجهزة التركية، وعملت باحترام تام للآليات الدولية لحقوق الإنسان وفقاً للثوابت والأعراف الدولية ذات الصلة، وزودت المفوضة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليت في 3 يونيو الجاري بتقرير مرحلي مفصل عن القضية".

جلسات وحضور

تعاملت المملكة مع القضية بإيجابية مستندة في إجراءاتها إلى مبادئ دستورية وأسس قانونية، حيث عقدت عدة جلسات في القضية بحضور المتهمين ومحاميهم وبما يحفظ كرامتهم، وعدم تعرضهم للإيذاء الجسدي أو المعنوي.

كما حضرت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان المحاكمة، ورأت أن حضورها يؤكد حرص السلطات السعودية على سرعة محاكمة المتورطين، وأن تأخذ العدالة مجراها، وأن يحاسَب كل من اشترك في ارتكاب الجريمة".

تحقيق النيابة

وتمر إجراءات محاكمة المتهمين في القضية وفق الأسس القانونية، حيث شرعت النيابة بالتحقيق، وجمعت المعلومات والأدلة اللازمة للتحقيق وتوجيه الاتهام، وأصدرت الأمر بالقبض على المتهمين، وإخبارهم بأسباب القبض عليهم وتوقيفهم، وتمكينهم من الاتصال بمن يرون لإبلاغهم بالقبض عليهم وتوقيفهم، وإبلاغهم بحقهم في الاستعانة بمحامٍ في التحقيق والمحاكمة، وجرى استجوابهم بعد إعلامهم بالتهمة الموجهة إليهم، بحضور محاميهم، وأحالت النيابة العامة القضية إلى المحكمة المختصة.

تناقضات كالامار

ـ أكدت أن تحديد المسؤول ليس هدف تحقيقها

ـ استبقت الإجراءات واتهمت المملكة منذ اليوم الثالث للحادثة

ـ دأبت وقبل إعلان نتائج تقريرها على التسرع بإطلاق الأحكام

ـ تجاهلت استقلالية القضاء السعودي وجهود المملكة في الوصول للحقيقة

ـ اتهمت ممثلين دبلوماسيين يحضرون جلسات المحاكمة بالتواطؤ