مبارك الدوسري

بعد 111 عاماً من النشاط والإشعاع، تواجه الحركة الكشفية في العالم اليوم أسئلة حرجة تتعلق بوحدتها التنظيمية وبمرجعياتها التقليدية وبقدرتها على تعبئة الشباب ولفت نظرهم، إضافة إلى ضرورة مراجعة مقولاتها ومفردات خطابها، ومثلما تعددت التحديات وتفاوتت من بلد لآخر، كذلك كانت الاستجابة لهذه التحديات مختلفة ومتنوعة، وأول هذه التحديات، القدرة على إدارة حركة ثقافية واجتماعية بهذا الامتداد العالمي، وهذا التنوع الثقافي والعقائدي والفكري.

يُشير السيد ريتشارد أمالفي، المدير الإعلامي السابق بالمكتب العالمي للحركة الكشفية في موضوع كتبه عبدالحفيظ العبدلي عام 2007 بعنوان «الحركة الكشفية في مواجهة تحديات قرن جديد» إلى أن «الحركة الكشفية تعيش إحدى المفارقات الإيجابية، إذ هي حركة عالمية، ولكنها تحترم الاختلاف والتنوع داخلها، وهي بمثابة قطعة الإسفنج، إذ إنها تتخذ شكلها ومضمونها بحسب البيئة التي تنشط فيها، وهذا نابع من طبيعة منطلقاتها وأهدافها القائمة على احترام قناعات الأفراد والجماعات، ومساعدتهما على تنمية شخصيتهم وبناء ذواتهم وفق اختياراتهم الخاصة».

إنه وبالرغم ما يُـعرف عن الكشافة من دعوة إلى الإبداع والابتكار، تظل إحدى القضايا الكـبرى التي يتمحور حولها النقاش في الدوائر الكشفية، هو كيف يـمكن إنعاش العمل الكشفي وتجديد أشكاله وأطروحاته، من دون فقدان الهوية أو التماهي مع بقية الأندية والجمعيات؟، ويكمُـن الجواب على ذلك بالنسبة للسيدة راشال كورناز، الناطقة الرسمية باسم المكتب الفدرالي للكشافة السويسرية بالمنطقة الروماندية سابقاً «في الحفاظ على عنصر الجاذبية وتلبية الإقبال المتزايد على الترفيه لدى الأطفال والشباب، والتفريق بين ما هو مبادئ وأسـس في العمل الكشفي وما هو أشكال واختيارات عفا عنها الزمن»، ومن أشكال المـواكبة التي تقترحها السيدة كورناز، «استخدام وسائل التواصل الحديثة كالإنترنت مثلاً في إشاعة المبادئ الكشفية، وفي التواصل بين الفِـرق، وفي تنشيط الحوار بين القائمين على الأنشطة».

لكن هذا الاستعداد للتحديث والتجديد، يشـوبه شيء من التردد عندما يلامس قضايا تتعلـق بالمساواة بين الجنسين، والمرجعية الدينية للقيـم التي يتربـى عليها الكشاف والمفردات العسكرية المُـتداولة داخل الخطاب الكشفي.

ففي الوقت الذي يرى السيد ريتشارد أمالفي أن «الحركة الكشفية في النهاية ليست حركة دينية، ولكنها تُـقر أهمية العنصر الديني في بناء الشخصية وتنميتها»، تذهب راشال كورناز إلى أن «القناعات الدينية مسألة شخصية، وأننا نعيش في مجتمعٍ الناس فيه أحرار فيما يعتقدون»، وإن كانت لا تنكُـر وجود بعض الفـرق الكشفية النشطة في إطار ديني، وملحقة ببعض الكنائس.

يتكرر الموقف نفسه عند طرح مسألة الخطاب المُـتداول في الإطار الكشفي، إذ تتردد فيه كثير من مـصطلحات الغزو والفرقة والسرايا والهجوم، ويبدو الاستسلام لخطاب التأسيس سيد الموقف في هذه القضية أيضا، ورغم إقرار جميع من حاورنا بضرورة إعادة النظر في هذا القاموس، إلا أنهم يـقرون بصعوبة ذلك. فالسيدة ألين شنايدلر، مسؤولة التنشيط الكشفي بمكتب جنيف سابقاً تعتبر «هذا الخطاب أحد مرتكَـزات وحدة الحركة الكشفية، وأن العبرة بطبيعة النشاط لا بتوصيفه».

ويقر السيد أحمد بوشاح أحد المشرفين على هذا النشاط، بأن الكشافة تمثل أفضل إطار لتربية النشء، وتدريب الشباب على العديد من المهارات، وهي الأقدر من دون غيرها على إنجاح الاندماج الإيجابي لشباب المهاجرين وإنقاذهم من الاغتراب. فميثاق الكشافة السويسرية الرسمية ميثاق ينبني على الأخوة الإنسانية، وكذلك حال ميثاق الاتحاد العالمي للكشاف المسلم، و«هذا ما يضع في النهاية أساسا متينا لتعاون واسع بين الجانبين»، على حد قوله.

وللكشافة أهداف تربوية وترفيهية، تُـعنى خاصة بالأطفال والشباب بدءا من 8 سنوات إلى 20 سنة، ويتعلم الكشاف كيف يكون إيجابيا تـجاه نفسه ومجتمعه ومحيطه، ويفتح العمل الكشفي أمامه أبواب العمل التطوعي وتقديم المساعدة للمحتاجين.

وتبشر الحركة الكشفية بعالم يسـوده السلام والوئام، وتشارك ميدانيا في تقديم المساعدات الإنسانية أثناء الكوارث الطبيعية والحروب، وإدارة مخيمات النازحين وبرامج رفع الأمية وحملات حماية البيئة.