في البداية قالوا إنه يشتري الشعر. ثم وصفوه بالركيك. والبعض قال إن ما يكتبه أشبه بمحاولات الأطفال.

وكأي فنان، أخذ شاعر الأغنية السعودي محمد القرني يبحث عن صوت جميل يوصل أحاسيسه للناس. بدأ من عند سراج عمر. فكانت ألحانه أشبه ببطاقة عبور للقرني نحو العديد من الأصوات الرائعة، مثل عبدالله محمد، عودة العودة، علي عبدالكريم، سميرة سعيد..

ثم بحث عن طريق آخر، أو إن الطريق الآخر هو من بحث عنه، فتعاون مع سامي إحسان، وعمر كدرس وقبلهما طلال باغر.. حتى تبلور عصره الذهبي في لقائه بصالح الشهري.

كان القرني حريصا على أن يغني كلماته أسماء مهمة في الأغنية الخليجية، كطلال مداح وأبوبكر سالم ومحمد عبده. فهو شاعر يثق بكلماته وأحاسيسه. غير أن حساباته "الفنية" لم تكن صحيحة.

يقال إنه في أول لقاء جمع القرني بمحمد عبده، قدم نفسه ونصّه. فأخبره عبده –بطريقة مهذبة- أن عليه التعاون مع فنانين آخرين قبل الوصول إليه، خوفا من المجازفة مع شاعر مغمور.

بعد بضع سنين، وبضع نجاحات حققها القرني مع مطربين شباب، اقتنع محمد عبده بموهبة القرني كما يبدو، فطلب منه تسليم أحد نصوصه لطلال باغر ليلحنه، وبعد إنجاز الأغنية تجاهلها محمد عبده كما لو أنها لم تكن. فجاءت قصيدته الشهيرة "تجرح وتنساني" التي كانت من أنجح أغاني المرحلة، معبرة عن موقفه من محمد عبده وغيره.."دايم أفكر كيف أقدر أوصلك.. وأنت تفكر كيف تهديني الجروح".

لم يكن نجاح القرني في أصوات الرموز، كما كان يعتقد، بل عن طريق من كانوا يمثلون جيل الشباب.

تألق القرني في تعاونه مع عبدالمجيد عبدالله وأصيل أبوبكر، وأدرك أن النجاح ليس مرتبطا بالأسماء الكبيرة. كما أدرك أيضا أن جمال النص وحده لا يكفي ليغنيه أحد أولئك النجوم. فيما عاد الذين قالوا إنه يشتري الشعر بدايةً، ليقولوا إنه يبيعه!.