نفت السلطات الصينية لـ»الوطن» مزاعم وجود معتقلات للمسلمين «الإيغور» يضطهدون ويعذبون فيها، مؤكدة أن ما تصوره وسائل الإعلام الغربية على أنه معتقلات، ليس إلا مراكز تأهيل مهني للمتأثرين بالفكر المتطرف، في وقت فضل مسؤولو المكتب الإعلامي لإقليم شينجيانج عدم ذكر إجمالي عدد تلك المراكز للوفد الإعلامي، الذي ضم صحفيين من 24 دولة، ودُعي إلى الصين، كما أكد أحد النزلاء المسلمين أن أداء الصلاة في غير أماكن العبادة ممنوع بحسب أنظمة وقوانين الدولة.

7 مراكز تأهيل

في الحلقة الثانية من جولة ميدانية للوفد الإعلامي في الصين، كشف مسؤولون صينيون لـ»الوطن» خلال رحلتها برفقة الوفد من «أورومتشي»، عاصمة إقليم شينجيانج إلى منطقة «أقسو» وجود 7 مراكز تأهيل مهني في هذه الأخيرة، تميزت بتنسيق عال ودقيق من قبل الحكومة، كما كانت إجابات نزلاء المراكز ردا على أسئلة الصحفيين مركزة ومختصرة.

وتضم تلك المراكز أفرادا من أقليات مختلفة، إلا أن أكثرهم من الإيغور، وتقول السلطات الصينية، إن التحاقهم بالمراكز يعود لتأثرهم بالفكر المتطرف ومخالفتهم للقانون، الأمر الذي استوجب إعادة تأهيلهم لدمجهم مع المجتمع، فيما تم الاطلاع على تفاصيل حياة النزلاء في اثنين من تلك المراكز ميدانيا.

367 نزيلا ونزيلة

أوضحت «ريبيجولي ريمتلا» وهي من الإيغور، وعيّنت مديرة لأحد تلك المراكز المهنية في «أقسو» (تابعة لإقليم شينجيانج ذي الأغلبية الإيغورية المسلمة)، أن «هناك 367 من النزلاء، منهم 153 شابة في المركز الذي تديره فقط»، كاشفة بأن غالبية نزلاء المركز يخرجون في أقل من عام، ويخرج البعض بعد عام ونصف العام.

وبينت أن الحكومة الصينية تخير المتأثرين بالفكر الإرهابي إما بقرار المحكمة الذي لا رجعة فيه، أو بالإقامة التأهيلية في المركز والخروج منه إلى المجتمع، بعد اجتياز الاختبارات التحريرية التي تكون بشكل شهري وأخرى تكون كل ثلاثة أشهر، مؤكدة أن بعض النزلاء في المركز، الذي تديره يعتبرون أنفسهم مسلمين، إلا أن منهم من لم يعد يؤمن بالإسلام، مشيرة إلى أن هذا عائد لهم، ولم يكن بضغط المركز بغرض اختصار الوقت للتخلص من تفكيرهم المتطرف.

حياة طبيعية

حسب ما رصده الوفد الإعلامي من خلال المراكز التي زارها، فإن النزلاء يعيشون حياتهم بشكل طبيعي ويمارسون الرياضات المختلفة والرقص والغناء، ويتعلمون دروسا في اللغة الصينية كونهم لا يجيدونها حيث يتحدثون الإيغورية فقط، إضافة إلى حرف مهنية مثل الزراعة، فيما كانت أغلب أعمارهم في متوسط العشرينيات، وكان أصغر النزلاء عمرا 22 وأكبرهم 51 سنة.

وفي حديث أجرته «الوطن» مع عدد من نزلاء المركز، أكد بعضهم عدم درايتهم بحقيقة الإسلام، وإنما توارثوه من آبائهم وأجدادهم، أي كانوا مسلمين بالاسم فقط، مشيرين إلى أنه نتيجة لذلك تم التغرير بهم من قبل بعض شيوخ التطرف للخروج ضد باقي القوميات الصينية الأخرى، مثل قومية «الهان» إحدى السلالات الحاكمة قديما.

في المقابل، بيّن آخرون أنهم شاهدوا مجموعة من التسجيلات الجهادية وتعاطفوا معها وروّجوها للعامة، ودفعتهم وغيرهم للوقوف ضد الحكومة، كونهم يرونها حكومة كافرة يجب الانفصال عنها.

موقف

أبدى رستم الأيك أحد النزلاء، في حديث أجراه مع الوفد الإعلامي رضاه عن وجوده في المركز، مبينا أن ذويه تبرأوا منه بعد كشف انخراطه مع جماعات إرهابية، إلا أن حدة غضبهم تلاشت بعد ضمه للمركز، مبدين أملهم بعودته النافعة لهم.

ويقول نزيل آخر يدعى تنياز مولا إنه تأثر بشيخ في قريته اسمه ماماتشي، كان يقول له إذا لم تجاهد فإنك ستموت مشركا وتذهب إلى النار، مشيرا إلى أنه قدم إلى المركز من تلقاء نفسه رغبة منه بالإصلاح، لأنه لمس وحتى قبل قدومه أن للمركز مزايا عدة، فهو يقدم الطعام والتعليم بالمجان، وهو يأمل أن تتم مساعدته في الحصول على وظيفة مناسبة، بعد خروجه من المركز من خلال المهارات التي سيكتسبها ويتعلمها.

منع الصلاة في المركز

عن حريته الدينية في أداء الصلوات، يقول: «لدينا حرية باختيار الدين، لكن لا نستطيع الصلاة في المركز، وعلي أن التزم بقوانين الدولة التي تمنعني أن أصلي في المركز لأنه مكان تعليم وتأهيل، لكني أستطيع أن أصلي بعد عودتي للمنزل نهاية الأسبوع».

182 مسجدا

زار الوفد مسجدا في «أقسو»، وأكد إمام المسجد ويدعى «ماماتي احتي» أنه لا تضييق على المسلمين في أداء طقوسهم الدينية، وأن القانون يكفل إقامة الأنشطة الدينية السلمية داخل المساجد، كاشفا عن وجود 182 مسجدا في منطقة أقسو، إلا أن جميع الوفد لم يشاهد أحدا يصلي في المساجد التي زارها.

ويضيف «ماماتي أحتي» «بني المسجد عام 2017 ومساحته الإجمالية 5200 متر مريع، ومساحة البناء 1950 مترا مربعا

، ويتسع لـ1200 مصل، وتقام فيه جميع الفروض، ويؤدي قرابة 160 مسلما الصلوات الخمس بانتظام»، لافتا إلى أن المسلمين الذين يعيشون بجوار المسجد يبلغ عددهم 1900 شخص، مشيرا إلى أن لديه 3 أطفال تتحمل الدولة تكاليف دراستهم تقديرا لكونه إمام مسجد، مبينا أنه درس التعاليم الإسلامية في أحد فروع المعهد الإسلامي في المنطقة منذ عام 2016 حتى 2018، ليتولى بعد تخرجه مسؤولية إمامة المسجد وإدارة شؤونه.

ووفقا لإمام المسجد فإن الحكومة تقدم له 1000 ين دعما شهريا مقابل إمامته للمسجد، إضافة إلى التأمين الصحي، مشيرا إلى أن تكلفة بناء المسجد كانت على عاتق الحكومة، وبلغت أكثر من 5 ملايين ين، كما تدعم الحكومة المسجد بـ5 آلاف ين شهريا للوازم النظافة والصيانة.

اهتمام

قال «ماماتي احتي «تحترم الحكومة رجال الدين كثيرا، وفي كل عيد يزور المسؤولون عددا منهم، ويمنحونهم الهدايا، وقد تغير حال المسلمين عن السابق، وباتت الدولة تهتم بإدارة وتطوير مساجدهم ومراعاة حقوقهم».

- 30 ألف متر مربع مساحة المركز التأهيلي

- يضم 3 مبان تعليمية

- مبنى سكني

- مسرح

- قاعة سينما

- صالة رقص

- مكتبة

- ملعب للرياضات المختلفة

- الحكومة تدعم المساجد والأئمة والصلاوات الخمس تقام في وقتها

- يغادر النزلاء مراكز التأهيل في أقل من عام أو بعد عام ونصف العام

- لم يفصح المسؤولون الصينيون عن أعداد مراكز التأهيل

- نزلاء أكدوا تمتعهم بحرية اختيار دينهم

- النزلاء لا يستطيعون الصلاة في المركز

- مراكز التأهيل تبعد عن المدينة قرابة ساعة واحدة بالمركبة