في عالم الإنترنت والتواصل التقني, يجد الإنسان نفسه محاصراً ومحاطاً بآلاف الأكاذيب والفيديوهات والكتابات عن مؤامرات يصنعها أفراد, يخيل لهم أنهم المحقق “كونان”. ولأن “كونان” معروف لدى كثير من صغار السن فإن المصدقين لهذه الأكاذيب يشبهون تماماً نفس الفئات العمرية المتتبعة لأفلام الكارتون, على الأقل وفي أبسط الأحوال في تصديقهم لكل ما ينشر على الشبكة العنكبوتية دون تأكد منهم لما ينشر.

الجدل بين التيارات في السعودية تعدى جميع المراحل ليصل إلى مرحلة التخوين والطعن في الذمم والوطنية, والأدهى من ذلك والأمر محاولة التشكيك في ديانة المخالف, فيصبح التكفير أسهل الطرق وأسرعها للإقصاء.

البلد يحتاج إلى تنمية وإلى مشاريع تنموية مواكبة للطفرة المالية التي لم تستغل بالشكل المطلوب. المتصارعون فكرياً يهمهم من يغلب الآخر, وقد تكون التعليقات على هذا المقال - مثلا - أنني أحاول تبرئة نفسي من أي تيار!.

في الحقيقة أنني وكثيرين لم نصنف أنفسناً يوماً منتسبين لتيار معين, لكننا وجدنا أنفسنا في خانة التصنيف العظمى, إما أن تكون إسلامياً أو ليبرالياً, وما عدا ذلك فهو غير قابل للدخول في لعبة الصراع الوهمية وفكر المؤامرات الذي أصبح البعض ينسجه في الخفاء وينشره على "الدراويش" في أي طرف كانوا.

الصحافة لم تطلق يوماً تلك العبارات والأوصاف على أي تيار. لكنها بكل تأكيد تقف ضد "صناع الكوابيس" والتطرف, ولن تخضع يوماً لطلبات أو آراء أصحاب خرافات الوهم والتصنيف والمؤامرات. كثير من الكتاب والصحافيين, بين عشية وضحاها, وجدوا أنفسهم في خانة يصعب عليهم إعادة تقديم أنفسهم لـ"الدراويش".

الذي قام باغتيال فرج فودة لم يقرأ كتاباً له, وكذلك هم "المكفراتية" الجدد, لم يقرأوا مقالاً واحدا لمخالفيهم, وإنما هم مقتاتون على ما يجدونه في الشبكة العنبكوتية, ويصدقونه. ولأن أوهن البيوت بيت العنكبوت, فمن يبني خلافاته وآراءه على وهن سيكتشف يوماً من الأيام أنه واهن ضعيف, ويبقى العنكبوت ينسج بيوتاً من الوهم، الرياح وحدها كفيلة بتدميرها.