حينما اُخترعت الكهرباء حرمها بعض الناس لعدة أسباب منها أنها سحر أو جن ونحو ذلك، وهكذا ميكروفونات المساجد حرموها، حتى الذين حللوا الكهرباء لاحقاً باعتبارات مماثلة، فضلاً عن كونها بدعة في نظرهم، وربما لأن الكفار هم الذين اخترعوها وصنعوها.

ودار الزمان وصار المحرم بالأمس واجباً اليوم، حتى في عدم الحاجة إليه لوجود الساعات والإعلام والنت، فضلاً عن الهواتف الذكية والتطبيقات الرقمية، لأن الأذان شُرع (للإعلام بدخول الوقت)، وقد تحقق مناطه بالتقنية الحديثة، وبالتالي انتفت الغاية، وبقي كشعيرة، وأما الميكروفونات فعادة لا عبادة، ومحلاً (للمجاهرة)، أو كما قال الشعراوي رحمه الله (مجاعرة)، في سياق نقده لهذا السلوك في إزعاج الناس بالميكروفونات، والتشكيك والمزايدة على كل من يخالف رأيهم.

ووطننا بلاد الحرمين الشريفين وبه أكبر عدد مساجد في العالم حيث بلغت مائة ألف مسجد، وآلاف منابر الجمعة، وبالتالي فالواجب كما عممته وزارة شؤون المساجد أن يكتفى بالميكروفونات في الأذان فقط دون الإقامة فضلاً عن الصلاة، وأن يكون بدرجة منخفضة تُعلم ولا تؤذي، لا سيما الأطفال والمرضى خصوصاً في أذان الفجر، ناهيك عن تعدد المساجد في الحي الواحد وتداخل أصواتها وتباين أوقاتها.

وفي زمن الحزم ينبغي أن يحسم هذا الأمر بلا حرج ولا مواربة، ومن خالفه من المؤذنين وغيرهم فتتم معاقبته نظاماً، فقد ولّى زمن الغلاة والمزايدين على خلق الله وعباده الصالحين ودعاته المصلحين.