في خطوة نادرة وصفت بالمحفوفة بالمخاطر، أطلق الديموقراطيون أمس في واشنطن الخطوة الأولى في إجراءات عزل الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بشبهة أنه طلب من نظيره الأوكراني التحقيق حول خصمه السياسي جو بايدن، رغم من أن فرصة النجاح تبقى ضئيلة.

ويقول موقع NPR أنه حسب الاستطلاعات، فإن العديد من الديموقراطيين يدعمون إقالة ترمب، إلا أن معظم الأميركيين قد قالوا لمستطلعي الرأي بأنهم لا يريدون ذلك.

الإعلان عن المحادثة

ولم يسهم قرار ترمب الإعلان عن فحوى المحادثة التي جرت بينه وبين الرئيس الأوكراني المنتخب فولوديمير زيلنسكي كثيرا، في تهدئة الديموقراطيين الذين يطالبون البيت الأبيض بالكشف أمام الكونجرس بمحتوى الشكوى المقدمة من عنصر الاستخبارات، والتي يعتقد أنها تحتوي على أدلة إضافية عن مخالفات.

استغل ترمب صلاحياته ويشتبه الديمقراطيون بأن ترمب استغل أيضا صلاحياته ليضر بنائب الرئيس السابق جو بايدن، المرشح الأوفر حظا للفوز بتمثيل الديموقراطيين في الانتخابات الرئاسية، التي ستجرى في العام 2020، فيما

يزيد من التطورات المثيرة في واشنطن إعلان رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الديموقراطي آدم شيف أن عميل الاستخبارات، الذي لم يكشف عن هويته بعد، يمكن أن يدلي قريبا بشهادته أمام اللجنة التي يترأسها.

خطوة عملية معقدة غير أن الإجراءات التي تعد أول خطوة في عملية معقدة لإخراج ترمب من البيت الأبيض، فتحت فصلا جديدا في السياسة الأميركية محفوفا بالمخاطر، قبل 14 شهرا فقط على انتخابات الرئاسة والكونجرس، غير أن الرئيس الأميركي ندد بعد كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجراءات ووصفها بـ»حملة مطاردة نتنة»، مضيفا في نفس الوقت أن من شأنها تعزيز فرص فوزه في انتخابات 2020.

نكث بقسم اليمين

وأعلنت رئيسة مجلس النواب الديموقراطية نانسي بيلوسي في مؤتمر صحفي في واشنطن إن «تصرّفات رئاسة ترمب كشفت عن الحقائق المشينة لخيانة الرئيس لقسمه، وخيانته لأمننا القومي وخيانته لنزاهة انتخاباتنا». وأضافت «لذلك، أعلن أنّ مجلس النواب يفتح تحقيقا رسميا لعزل» الرئيس، وقالت بيلوسي «يجب محاسبة الرئيس. لا أحد فوق القانون».

سبب إجراءات العزل

وما زاد من المطالبات ببدء إجراءات عزل، فضيحة عن مسعى مفترض من ترمب، للضغط على الرئيس الأوكراني المنتخب فولوديمير زيلنسكي، لفتح تحقيق بشبهات فساد بحق بايدن ونجله هانتر الذي مارس أعمالا في الدولة الواقعة بشرق أوروبا، إلا أن الفضيحة تفجرت في أعقاب شكوى من عميل سري في الاستخبارات الأميركية بشأن محادثة هاتفية بين ترمب وزيلنسكي في 25 يوليو.

ما هي الإجراءات؟

ينص الدستور على أن الكونجرس يستطيع إقالة الرئيس «أو نائب الرئيس أو قضاة فيدراليين...» في حال «الخيانة أو الفساد أو جرائم أو جنح كبرى أخرى»، على أن يقدم أي نائب مشروع قرار «لاتهام» الرئيس يرسل كغيره من مشاريع القوانين إلى لجنة، ويمكن أن تبدأ الإجراءات بدون مشروع قانون، كما يحدث حاليا.

قصة أوكرانيا

يقول موقع NPR أن ترمب ومساعديه سعوا إلى إلقاء الأضواء على نائب الرئيس السابق جو بايدن وابنه، هنتر، الذين قالوا بأنهم قد يكونون مرتبطين بما أسموه بـ «الفساد» في أوكرانيا، بالرغم من أن معسكر بايدن مُصر بأن هذه المزاعم قد تم فضحها وكشف تزييفها.

الوضع الأوكراني مُعقد

بالنسبة لأعضاء الكونجرس الوسطيين الذين يشاهدون سير الأحداث عن طريق تقارير الأبحاث، التي تستشهد بمصادر مجهولة، الوضع المُعقد الأوكراني الأولي أصبح لعبة انتظار، مستندا على أساس تلقي المشرعين لمزيد من المعلومات القوية عبر القنوات الرسمية.

محادثات ترمب

ويرى الكاتب فيليب إوينق أنه في حال تم الكشف عن الشكوى، وكانت تخص محادثات ترمب مع أوكرانيا، أو إذا عرف أعضاء الكونجرس شيئا ما يُغير من ديناميكيات هذه القصة، فإن السؤال التالي هو ماذا قد يعني ذلك بالنسبة للمناصب المأخوذة من قِبل رومني وآخرون بخصوص كيفية استجابة الكونجرس. لم يهدد زيلينكسي لقد اعترف ترمب بأنه قد تحدث مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينكسي عن بايدن، ولكن ترمب قال بأن محادثته كذلك كانت علانية، بينما قال أحد محامي الرئيس الأميركي وهو رودي جولياني، بأنه كذلك قد كان يتحدث مع مسؤولين أوكرانيين، ولكن جولياني يقول بأن ترمب لم يهدد بتقليص تدفق المساعدات العسكرية لكييف ما لم يحضر زيلينكسي الذخيرة السياسية ضد عائلة بايدن. ولكن ليس من الواضح إذا ما كان مستند اتصال الرئيس أو مواد أخرى قد تكون مرتبطة بمساعدة أوكرانيا مع نقاشات بايدن، فقد أمر ترمب بنشر مستند محادثته مع زيلينكسي أو السماح لجولياني بالظهور أمام الكونجرس، بالرغم من أنه لم يكن من الواضح متى أو أيا منهما قد يحدث.

إساءة استخدام السلطة

بالنسبة للديموقراطيين، سلوكيات ترمب في قضية أوكرانيا قد تصاعدت إلى مستوى إساءة استخدام سلطته بشكل صادم، لأنه تجاهل شهورا متتالية من النفوذ الأجنبي في الانتخابات الأميركية. ولكن الأمر الذي لا يزال غير واضح، هو إذا ما كانت مسألة أوكرانيا قد تحرك ابرة الإقالة داخل واشنطن، برئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي أو بشكل واسع بين الشعب الأميركي. بالرغم من أن العديد من الديموقراطيين يدعمون إقالة ترمب، إلا أن معظم الأميركيين قد قالوا لمستطلعي الرأي بأنهم لا يريدون ذلك. لقد اعتمد ترمب على هذا الحصن، وبدى حتى يتحدى الديموقراطيين للمضي قدما بإجراءات الإقالة مع التوقع بأنه مهما كانت نتيجتهم في مجلس النواب، فإنهم سيواجهون صعوبة في مجلس الشيوخ، وبالتالي ينتهي بهم الأمر ملحقين المزيد من الضرر لبيلوسي وأعضائها أكثر مقارنة به.